قال اللهُ – تعالى – : ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ (٤٠) ﴾ آل عمران.
وقال – سبحانه وتعالى – : ﴿ وَإِنِّي خِفۡتُ ٱلۡمَوَٰلِيَ مِن وَرَآءِي وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا فَهَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا (٥) ﴾ مريم.
من الآيتين يتبين لنا: أنَّ العاقر هي التي لا تنجب لسبب طارئ يُمكن إصلاحه (أي علاجه)، وقد ورد ذلك في كتاب الله: ﴿ فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥ﴾ من الآية (٩٠) الأنبياء؛ أي تم إصلاح السبب الذي جعلها عاقرًا.
العاقر هي من تعاني من مشكلة تمنعها من الإنجاب ويُمكن إصلاحها.
لكن الأمر يختلف مع لفظ: (عقيم)؛ لأنَّ العقم لا يُمكن إصلاحه.
لماذا؟
لأن أسباب الحمل غير موجودة من الأساس؛ لذلك فإن العقم ليس له أسباب ظاهرة يُمكن التعامل معها طبيًا لإصلاحها ﴿ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًا ﴾.
فالطب يتعامل مع الأسباب إن وجدت، وليس مع مشيئة الله.
العقم ليس له أسباب يُمكن التعامل معها؛ بل هو إرادة إلهية.
لكن الإنسان يسعى للأخذ بالأسباب؛ لأنه لا يعلم إن كان السبب أنه عاقر، أم عقيم.
العلاج هو أخذ بالأسباب لعل الذي لا يُنجب يكون عاقرًا، وليس عقيمًا ويتمكن الطب بإذن الله من علاجه.
قال اللهُ – تعالى – : ﴿ أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ (٥٠) ﴾ الشورى.
ما معنى عقيمًا في الآية؟
عقيمًا أي لن يُنجب، أو تُنجب؛ فالعقيم ليس عاقرًا يُمكن إصلاحه.
لكن الإنسان لا يعلم فعليه أن يأخذ بالأسباب..
وبعد استنفاذ طرق العلاج؛ فإنَّ ذلك يأخذنا إلى الرضى بقضاء الله؛ لأنَّ قضائه للمؤمن كله خير.
وقد يعجز الطب؛ لكن اللهُ – تعالى – لا يُعجزه شئ كما نلاحظ في الآية التالية:
﴿ فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ (٢٩) ﴾ الذاريات.
لقد ذَكرت امرأة إبراهيم – عليه السلام – سببين يحولان (بشكل تام) بين إنجابها:
فهي كبيرة في السن (لا تحيض) من ناحية، ومن ناحية أخرى هي (من الأصل) عقيم (لم تكن عاقرًا لتُعالج نفسها من قبل).
لكن قدرة الله – عز وجل – فوق الأسباب؛ لأنَّ الله يفعل ما يشاء.
ءايات نتبين منها معنى عقيم
قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ (٥٥) ﴾ الحج.
هذه الآية تُبين لنا أنَّ يوم القيامة لن يأتي منه، أو بعده يوم ءاخر، وهو ما يُظهر معنى: (عقيم) الذي يفتقر إلى المكونات، والأسباب كي يتحول، أو ينتج عنه شيئًا ءاخر.
ونرى ذلك المعنى في قول الله – تعالى – : ﴿ وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ (٤١) ﴾ الذاريات.
الريح العقيم؛ أي ريح لا تحمل معها أسباب الحياة، والإنتاج، مثل: ما يُلقح السحب لتمطر، أو ما يُلقح النبات ليُثمر؛ فهي ريح لا تحمل معها أسباب الحياة أبدًا.
والله أعلم.