Stunning view of the Moscow Cathedral Mosque during sunset with a golden dome and minarets.

الفرق بين: (الكتاب، القرءان، الذكر)، (الجزء الثاني).

هل الدلالة (المعنى) تكون للكلام؛ أم للقول؟

هناك من قالوا: إنَّ النطق حين يتحول لمعنى في الذهن؛ يتحول لقول!

وكأنَّ النطق ليس قولًا؛ وكأنَّ القول هو الكلام الذي يُعطي دلالة اللفظ (المعنى)!

بل قالوا ذلك بالفعل: الكلام هو الذي ينقل القول للفؤاد، والقول هو الدلالات؟!

حين نتدبر القرءان يتبين لنا: أنَّ الكلام (وليس القول) هو من يُعطي الدلالات (المعاني) في الفؤاد.

أما القول (المادي) فهو من يعبر عن الكلام (المعنوي الذي له دلالات) في الفؤاد.

كيف ينشأ الكلام؟

الكلام غير مادي (معنوي) ينشأ داخل النفس مُعبرًا عما فيها من خلال الدلالات؛ لذلك الكلام هو الذي يعبر عن الدلالات التي تريدها النفس.

أما القول فهو: الشئ المادي الذي ينقل الكلام الذي يعبر عن النفس، ينقله للفؤاد، وحين يفقه الإنسانُ القول (أي يتبين ما يعبر عنه من كلام) يستنبط الفؤاد دلالات الكلام، والمراد منه.

لماذا القول مادي؟

القول دائمًا مخلوق، ومن أمثلة القول: النطق، والحروف المخطوطة على الصحف، والصور، والإشارة.. وكلها وسائل مادية تنقل الكلام للفؤاد.

نتبين مما سبق.

أنَّ القول يعني التعبير بأشياء مرتبة بطريقة معينة، تعارف عليها الناس، أو يمكن دراستها، مثل: الصورة، والحروف المنطوقة؛ التي ندركها بحواسنا (بالبصر، بالسمع، بالمس).

وعن فقه القول، وكيف يتحقق داخل الفؤاد:

بعد ما يقوم القول (المادي) الذي تعبر بنيته عن الكلام (المعنوي) الذي تنقله للفؤاد؛ تأتي مرحلة: معرفة، أو دراسة اللفظ (بنية القول) مثل: معرفة، أو دراسة ترتيب الحروف لنعلم ما تعبر عنه، وكذلك ما تعبر عنه صورة اللفظ، والإشارات.. لاستنباط دلالة كل كلم (لفظ مفرد) وبالتالي: استنباط المراد من الكلام.

إذًا فقه القول هو: تحليل اللفظ (بنية القول) سواء كانت حروف، إشارة.. لاستنباط دلالة كل كلم عبر عنه ذلك القول؛ وبالتالي: استنباط المراد من الكلام.

مثلًا حين نكتب تلك الحروف: (م، ة، د، س، ر) بذلك الترتيب: (مدرسة) فحين نراها بالبصر نفقه أنها مكان للتعليم حسب ما علمه الناس من قبل: أنَّ ترتيب تلك الحروف هكذا: (مدرسة) تعبر عن كلم دلالته تعني مكان للتعليم.

وإذا نطقناها بذات الترتيب (أي جاءتنا مسموعة) نفقه كذلك أنها مكان للتعليم.

إذًا القول هو لفظ: (مدرسة) ودلالة الكلم هي: مكان للتعليم.

وبالعودة إلى قول البعض: إنَّ القرءان هو قول الله، وليس قول الرسول، وقولهم: إنَّ القول هو المعاني، بينما الكلام هو ما ينقل القول؟!

نقول لهم: لو كان القول هو الدلالات التي تعبر عما في نفس الله؛ وقام الرسول بنقلها بكلامه (النطق)؟!

كيف يستقيم معنى الآية التالية:

﴿ إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ (١٩) ﴾؟!

هل وفقًا للفهم الخاطئ للفظي: (الكلام، والقول، والنطق) ذلك يعني أنَّ القرءان حين يقول: ﴿ إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ﴾ دلَّ على أنه نشأ في نفس الرسول؟!

إنكم حقًا مخطئون لأنكم تخالفون القرءان الكريم.

في قول الحق: ﴿ إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ﴾ أجد ردًا على من قالوا: إنَّ القرءان هو قول الله، وليس قول الرسول.

ما هو الدليل على أنَّ القرءان هو كلام الله (غير المخلوق) وليس كلام الرسول؟

قال الله – تعالى – : ﴿ وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡلَمُونَ (٦) ﴾ التوبة؛ لم يقل: (حتى يسمع قول الله) وذلك من دقة الألفاظ في القرءان الكريم.

من بلاغة قول الله: ﴿ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ﴾ أنه ذَكر الكلام، وكذلك: القول الذي سينقل كلام الله للمشرك عن طريق القول

المنطوق، والذي عبر عنه لفظ: ﴿ يَسۡمَعَ ﴾ ﴿ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ﴾. لاحظوا دقة التعبير، والبيان: (يسمع) ماذا يسمع؟ يسمع: (كلام الله). إذًا المراد سماعه لإدراك دلالاته هو الكلام.

وهذا يعني أنَّ القول هو من ينقل كلام الله – تعالى -.

الدلالات التي أرادها الله هي للكلام، وليست للقول.

وكذلك يرد قول من ظن أنَّ الكلام هو النطق، وأنه هو من ينقل القول.

فلا يمكن (من خلال ما نتبينه من الآية الكريمة) أن يكون القول هو الذي له دلالة، والكلام هو من ينقله.

إنما القول هو بناء مادي للكلمة لنتعامل معها كما بينا من قبل.

إذًا القول هو الذي ينقل الكلام، وليس العكس؛ وبالتالي: الدلالات (المعاني) تكون للكلام، وليس للقول.

وحتى لا أدخل في تفاصيل كثيرة تُطيل البحث؛ يمكن الرجوع إلى موضوع على الموقع الإلكتروني فرق بين: (الكلام، والقول، والنطق) من خلال ءايات القرءان.

لماذا نقول: قال الله، والقرءان هو كلام الله؟

للتعبير عن القول الذي خلقه الله – تعالى – أول مرة الذي أوحى به كلامه (مباشرة) إلى سيدنا جبريل، والملائكة.

كان ذلك من خلال القول (الذي دائمًا هو: مخلوق).

لكن كلام الله ليس مخلوقًا:

قول الله – تعالى – : ﴿ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ﴾ جاء فيه لفظ: ﴿ يَسۡمَعَ ﴾ إشارة إلى نقل كلام الله إلى الفؤاد من خلال النطق.

وبالتالي: الدلالات التي تتكون في الفؤاد (بالتعبير الدارج: في الذهن) هي دلالات الكلام، وليست القول؛ لأن القول ما هو إلَّا وسيلة تنقل الكلام للفؤاد؛ لكي يتبيَّن الإنسان دلالات ذلك الكلام، والمراد منه.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart