واحدة من الآيات التي يزعم المبطلون وجود خطأ فيها!
قالوا: كيف يأمر اللهُ بالفسوق؛ فزعموا أنها كلام بشر!
ما هو الفسوق؟
الفسوق هو مُخالفة أمر الله بالخروج عنه.
نستنبط من هذا أنهم ماداموا فسقوا فيها فهم أمروا بالكف عن الفساد ولكن لم يستجيبوا
أي حين يأتي لفظ فَسَقَ فلابد أن يكون سبقه أمرًا من الله – سبحانه وتعالى – وقام الإنسان بمخالفت ذلك الأمر متعمدًا.
الفسوق هو رد فعل يتمثل في عدم تنفيذ الأمر الإلهي من قبل الإنسان الفاسق.
متى يأتي الفسوق؟
نُلاحظ في الآية الكريمة أنَّ لفظ (ففسقوا فيها) قد سبقه لفظ (أمرنا).
اللهُ – سبحانه وتعالى – يأمر بالتقوى، والعدل، والإحسان؛ فنتبين من ذلك أنَّه جاءهم أمر من الله فخرجوا عنه وخالفوه.
قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ ﴾ من الآية (٥٠) الكهف.
المعنى هو: إبليس تلقى أمرًا من الله – تعالى – بالسجود لآدم – عليه السلام – لكن إبليس لم ينفذ الأمر متعمدًا.
لهذا قال الله – عز وجل – : ﴿ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ ﴾ أي خرج عن أمر الله بعدم سجوده لآدم مُتعمدًا.
إذًا حين حاء لفظ: (ففسقوا) فإننا نفقه منه أنَّه جاءهم أمر من الله بالتوقف عن الفساد، ولكن خرجوا عنه أي لم يستجيبوا له.
هذا هو معنى الفسوق (الفسوق هو عدم تنفيذ الأمر الإلهي بشكل مُتعمد).
كذلك – سبحانه وتعالى – لا يأمر بالفحشاء، قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وَإِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةٗ قَالُواْ وَجَدۡنَا عَلَيۡهَآ ءَابَآءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَاۗ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (٢٨) ﴾ الأعراف.
ومن يُفسد في الأرض، ولكن لم يأتِه أمر من الله بعدم الفساد لا نُسميه فاسق لأنَّه لم يأتِه أمر ليخرج عنه.
أما هلاك القرية فهذا يأتي بأمر من الله لأنَّ الله يعلم أنَّ هذه القرية الظالمة لن تكف عن فسادها حتى بعد أن يأتيهم رسول يبين لهم سبيل الحق من سبيل الغي؛ فيكون ذلك مُوجبًا لهلاكها بعلم الله وعدله.
كما نعلم أنَّ الله – عز وجل – لا يُهلك قرية غافلة؛ أي لم يأتِها رسول يُبلغهم رسالة الله، قال – سبحانه وتعالى – : ﴿ ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ (١٣١) ﴾ الأنعام.
وقال اللهُ – تعالى – : ﴿ إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰٓ أَهۡلِ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ (٣٤) ﴾ العنكبوت.
لقد دلًّ هذا على أنًّهم كانوا يتلقون أمر الله بعدم الفساد في الأرض، ولكن كانوا يخرجون عن أمره (فسقوا عن أمر ربهم) لهذا حق عليهم العقاب.
والله أعلم.
