قال اللهُ – تعالى – : (( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦) )) نوح.
توقف أعداء الإسلام عند هذه الآية الكريمة، وقالوا كيف يكون القمر نورًا للسموات السبع كلها؟!
نقضهم للقرءان لهو دليل على أنهم لا يتدبرون القرءان!
لماذا؟
يريدون أن يحرفوا كلام الله عن مواضعه ليبدو للناس أنَّ في القرءان أخطاء فيضلونهم عن سبيل الحق!
نعود للآية الكريمة التي طعنوا فيها لنتبين مراد الله – تعالى – منها.
قال اللهُ – تعالى – : (( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦) )) نوح.
الآية تذكر أنَّ الله – عز وجل – خلق سبع سموات طباقًا، وذكرت أنَّ الله جعل القمر فيهن نورًا.
وحين نتدبر الآيات نستنبط المراد الحق الذي لا يوافق رؤيتهم التي طرحوها؛ حين زعموا أنَّ القمر ينير السموات السبع كلها!
لقد أقحموا في الآية ماليس فيها ليوهموا الناس بوجود خطأ!
علينا أن نتبين دقة الألفاظ في الآية:
الآية لم تقل: وجعل القمر لهن نورًا، ولكن قالت: (( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا )).
وما الفرق بين اللفظين؟
الفرق بين اللفظين يغير المعنى تمامًا.. فلو قلنا: وجعل القمر لهن نورًا، سيتغير المعنى لماذا؟
لأن قولنا هذا معناه أنَّ القمر سينير السموات السبع كلها؛ وهذا لم تقله الآية من الأساس، ولا يمكن أن نفقه هذا منها!
ما هي بلاغة الآيات التي نصل إليها؟
اللهُ – تعالى – قال: (( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا )) هذا أشار إلى مكان القمر وهو أنَّه في السموات السبع، ولا نماري في ذلك، لأنَّ السموات خلقها الله طباقًا، فما كان في السماء الأولى هو بدوره في السماء السابعة.
أي أنَّ كل سماء ارتفعت فوق باقي السموات الأخر؛ لا شك أنها تحوي بداخلها السموات الأدنى منها في الارتفاع.
السماء السابعة يُوجد بداخلها باقي السموات فهي تحوي السماء السادسة حتى نصل إلى السماء الأولى.
ولأنَّ القمر يُوجد في السماء الأولى فهو بدوره يُوجد في السموات السبع كلها.
(( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا )) هذا بين دور القمر؛ وهو أنَّ الله – سبحانه وتعالى – جعله نورًا، ولكن لا يعني هذا أنَّ القمر نورًا للسموات السبع، ولا حتى نورًا لكل ما في السماء الأولى.
كيف نتبين ذلك من بلاغة القرءان؟
لفظ: (فيهن) يشير إلى مكان وجود القمر فهو في السموات السبع.
ولفظ (نورًا) يشير إلى دور من أدوار القمر، وهو: أنَّه نورًا.
مثلًا إذا افترضنا أنَّه يُوجد مصباح في حجرة داخل بيت ما، فنقول: إنَّ المصباح في الحجرة، ويمكننا أنَّ نقول: المصباح في البيت.
ذلك لأنَّ الحجرة التي يُوجد فيها المصباح هي في البيت؛ ون المصباح في الحجرة، والحجرة في البيت؛ إذًا المصباح هو كذلك في البيت.
وإذا كان المصباح يُضيئ جزءًا من الحجرة، فيمكن أن نصف هذا بقولنا: المصباح في الحجرة ضياء (أي مُضيئ في الحجرة)، وهذا ليس معناه أنَّه يُضيئ الحجرة كلها.
كذلك الأمر القمر نور في السموات فإنه لا يعني أنه يضيئ البيت كله، أو الحجرة كلها.
ولأنَّ الحجرة (التي فيها المصباح) تُوجد في البيت، يُمكن أنَّ نقول: المصباح في البيت ضياء (أي مُضيئ في البيت) وهذا لا يعني أنَّ المصباح يُضيئ البيت كله.
والله أعلم.