مع تعدد مصادر العلم، إلَّا أنَّه يأتي إلى الإنسان عبر وسائل حددتها، وجمعتها الآية التالية:
قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَـكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّـهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) ﴾ فصلت.
إنَّ وسائل جمع العلم لدى الإنسان هي: السمع، والبصر، والجلود.
ومن أمثلة ما يتم نقله من العلم عبر الجلود ما يعلمه الإنسان من خلال الإحساس: التذوق، الشم، الإحساس بالجوع، العطش، الألم، اللذة.
ومن المُسميات الخاطئة لدى بعض الناس قولهم: أشعر بالجوع، وأشعر بالعطش، أشعر بالبرد، لكن الصواب هو أحس بالبرد، وأحس بالعطش والجوع.
أمَّا الشعور فيتم استخدامه عند التعبير عن الأمور غير الشيئية (المادية) التي لا يراها الآخرون كالفرح، والحُزن، والخوف، والطمأنينة، وكذلك الكلمات؛ كل ذلك عبارة عن مشاعر تنشأ داخل النفس.
والإيمان هو أصدق هذه المشاعر، ولا يمكن للآخرين أن يلمسوها ماديًا، أو يرونها عين اليقين.
فلا يستطيع إنسان أن يدعي أنَّه يستطيع الحكم على إيمان إنسان ءاخر، لأنَّ هذه مشاعر تنشأ داخل النفس لا يعلمها إلَّا اللهُ – عز وجل -.
قال ـ سبحانه وتعالى – : ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ (١٠١) ﴾ التوبة.
النبي – عليه الصلاة والسلام – لم يعلم بأمر المنافقين وما يخفوه من مشاعر الكفر في أنفسهم، إلَّا بعد أنَّ أنبأه اللهُ بهم، فكيف نعلمهم نحن؟!
وعودة إلى المشاعر فإنَّنا نراها تنشأ داخل النفس فهي ليست إحساسًا يأتيها من خارجها، علمًا بأنَّ النفس هي التي تحس، ولكن تنشأ المشاعر في النفس
نتيجة مؤثر خارجي شيئي (مادي) على جوارح الإنسان كما قلنا، مثل: الجلد الذي ينقل لنا الإحساس بالألم، أو اللذة.
واللذة ليست هي الفرح، أو السعادة، ولكن قد تتسبب اللذة في شعور الإنسان بالسعادة.
وكذلك الألم ليس هو الحُزن؛ لأنَّ الألم حسي أما الحُزن فهو من المشاعر.
وأخيرًا السمع، والبصر، والجلد تلك هي ثلاث حواس، يكتسب الإنسان العلم عن طريقها، فسَيُسأل عنها، وهي ستشهد عليه يوم القيامة.
والله أعلم
