A peaceful mosque interior featuring a backlit window, rehal stand, and intricate architecture.

من بلاغة القرءان في وصف غرق فرعون، ونجاة بدنه..

لماذا قال اللهُ – تعالي – : ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) ﴾ يونس، ولم يأتِ القول: فاليوم نُنجي بدنك؟!

لو كان القول: فاليوم نُنجي بدنك؛ فإن تكملة الآية (ولله المثل الأعلى) ستكون: (ليكون لمن خلفه ءاية)، أو(ليكون بدنك لمن خلفه ءاية).

لماذا؟

لأن محور الكلام في تلك الحالة سيكون بدن فرعون، وليس فرعون.

وهذا لا يجوز لأنَّ البدن في حد ذاته ليس هو العبرة من النجاة؛ وهذا من بلاغة البيان في القرءان.

إنما العبرة من قول الله – تعالى – : ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾؛ هي فرعون نفسه..

فرعون الذي كفر، وطغى، وكان من المفسدين في الأرض؛ لم يدفع عن نفسه الموت.

  فيعتبروا من جاءوا خلفه ليتبعوا أمره وهو يطارد موسى ـ عليه السلام ـ كيف أصبح ذلك الطاغية مجرد بدن (لا حياة فيه)؟!

لهذا عاد الكلام علي فرعون، ولم يَعُد على البدن الذي خرج من الماء دون نفس فرعون ليكون دليلًا على موت.

لأن المراد من الآية، وما بها من موعظة وعبرة؛ هو فرعون وعمله، وليس البدن في حد ذاته.

وقد دلَّ حرف الباء في لفظ (ببدنك) والذي افاد التجزيئ؛ أنَّ بدن فرعون الذي هو جزء منه هو فقط من سينجو من الهلاك في البحر، دون نفس فرعون التي ذاقت الموت عندما أدركها الغرق.

كيف ينجو البدن من الهلاك؟

نجاة البدن من الهلاك المراد بها ألَّا يتحلل بدن فرعون في ماء البحر، أو تأكله الأسماك؛ ليخرج البدن من الماء كما هو ليتعرف عليه الناس فيستيقنون أنه بدن فرعون، ويستدلون بهذا على موته.

كيف يكون فرعون لمن خلفه ءاية؟

 حين ينظر الناس إلي بدن فرعون ملقى على الساحل؛ سيكون لهم ءاية يستخلصون منها العبرة: إنَّ فرعون الطاغية الذي أمرهم أن يتخذوه إلهًا، وطغى، وأفسد في الأرض؛ لم يدفع عن نفسه الموت، لم يُغنِ عنه عمله من الموت شيئًا، وأنَّ ما ءال إليه فرعون من هلاك، ونهاية كُتبت بالموت؛ هي ذاتها نهاية كل طاغية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart