الرد على شبهة وجود تناقض بين قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ ﴾، و قوله: ﴿ فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ ﴾.

زعم البعض وجود تناقض بين قول الله ـ تعالى ـ ﴿ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ﴾، وقوله ـ سبحانه وتعالى ـ : ﴿ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (١٤) ﴾ الأعلى، ﴿ فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ (١٨) ﴾ النازعات، وقالوا: ءايات تأمر الإنسان بأن يزكي نفسه، وءاية تنهاه عن تزكية نفسه؟!

ما المراد بالتزكية؟

يمكن أن نتبين ذلك من خلال القرءان كقول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى (١٧) ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ (١٨) ﴾ الليل.

الآية تعني أنَّ تزكية النفس تكون بالعمل الصالح الذي يأتي من المتقين؛ وهم من يريدون بعملهم رضوان الله تعالى، ولا يريدون به الرياء، أو النفاق، أو التعالي على الناس..

فمن ينفق ماله رياءً وتفاخرًا بين الناس؛ هذا لا يزكي نفسه؛ لأنه لم يرد بعمله وجه الله.

أما المراد بقول الله ـ تعالى ـ :

﴿ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ﴾، هو نهي الإنسان عن تزكية نفسه بالقول، أو بالتعالي على الناس..والدليل أنَّ الله يقول: ﴿ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ﴾؛ فالتزكية من نصيب التقي، وليست لغيره ممن يقولون مثلًا: نحن أكثر الناس إيمانًا، أو من يقولون: نحن أفضل الناس عند الله، أو من يزعم أنَّ أعماله عظيمة وستُدخله الجنة!

قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَٰٓـُٔواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ بِٱلۡحُسۡنَى (٣١) ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةٞ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡۖ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ (٣٢) ﴾ النجم.

إذًا التزكية لا تكون بالقول، ولكن بتقوى الله، وبالعمل الصالح.

وهذا ينفي وجود تناقض بين الآيات.

فالتزكية تقوى، وعمل صالح، وليست قولًا، أو رياءً كما يتبين لنا من الآية الكريمة: ﴿ ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ (١٨) ﴾.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart