Open Quran on a wooden stand, showcasing Arabic text with a patterned background.

الفرق بين لفظي: (إله، ورب) وبلاغة القرءان..

نجد في القرءان الكريم لفظ: (ربه الأعلى) ولكن لا نجد لفظ: (إلهه الأعلى).

فما الدقة البيانية في ذلك؛ لماذا لم تتعدد الآلهة، وتعددت الأرباب؟

ذلك أجده من بلاغة القرءان، ودقة الألفاظ فيه..

اللهُ – سبحانه وتعالى – أنبأنا في كتابه أنه: لا إله إلَّا هو، إله واحد، لا إله غيره.

هو الأول.

اللهُ هو إله حتى إذا لم تكن هناك مخلوقات.

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) ﴾ آل عمران.

اللهُ ينفي نفيًا تامًا وجود إله إلَّا هو؛ وهذا من بلاغة القرءان؛ لأن الإله هو من خلق المخلوقات قبل أن تكون شيئًا.

لهذا فإن من يتخذون ءالهة من دون الله؛ افتروا إثمنًا عظيمًا.

إنما إلههم إله واحد لا شريك له، رب العرش العظيم.

وماذا عن لفظ: (رب)؟

هنا نتبين المزيد من بلاغة القرءان، والفوارق بين الألفاظ..

فحين أنبأنا اللهُ – عز وجل – في كتابه بتعدد الأرباب دلَّ هذا على الفرق بين لفظي: (إله، ورب).

لأن لفظ: (إله) لا يعني وجود مخلوقات، اللهُ إله سواء تُوجد مخلوقات، أو لا توجد.

لكن لفظ: (رب) تعني وجود مخلوقات يرعاها ربها.

وهذا ينطبق حسب ما جاء في القرءان على كل راعٍ ﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ (٤٢) ﴾ يوسف.

إذًا لفظ: (رب) يُنسب كذلك للمخلوقات إذا كانت ترعى غيرها، ومسئولة عنه،

مثل: رب الأسرة الذي يرعى أسرته، وينفق عليها..

وحين يُنسب لفظ: (رب) لله؛ فيعني أنَّه توجد مخلوقات خلقها اللهُ بقدرته، مثل: خلقه السموات، والارض، والملائكة، والبشر.

في القرءان اللهُ أطلق لفظ: (رب) على بعض المخلوقات؛ ومن الأدلة على ذلك قوله – سبحانه وتعالى – : ﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ (٤٢) ﴾ يوسف.

فقد طلب يوسف – عليه السلام – من صاحبه في السجن – حين ظن أنَّه سينجو – أن يذكره عند ربه، أي سيده الذي يحكمه، ويرعاه (مسئول عنه).

نعم هناك أربابًا غير الله، كما تبين لنا من القرءان، ولكنها أربابًا مخلوقة.

لذلك ميز اللهُ – تعالى – نفسه عنها بقوله: ﴿ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٢٠) ﴾ الليل.

لفظ: (الأعلى) من بلاغته أنه دلَّ على

تعدد الأرباب، وأنَّ الله هو الرب الأعلى؛ لأنه خالق كل الأرباب الأخرى.

فالله هو ربنا الأعلى الذي نحتاج إليه وهو لا يحتاج إلينا، هو رب الأرباب.

الله لم يكن شيئًا معه، هو خالق كل شئ، لا شئ مع الله، ولا حتى العرش. فالعرش هو من مخلوقات الله – تعالى – ﴿ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ (١٢٩) ﴾ التوبة.

ماذا نستنبط من الآية الكريمة؟

قوله – سبحانه وتعالى – : ﴿ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ بيَّن للناس أنَّ العرش مخلوق خلقه اللهُ مثل ما خلق السموات والأرض؛ ولكن يفوقهم في عظمته.

فكل ما يخضع للرب فهو مخلوق لله – تعالى -.

وهنا نتبين من بلاغة البيان الآيات؛ أنَّه لا ينبغي لأحد أن يقول: إنَّ الله يجلس على العرش!

لأن العرش مخلوق من مخلوقات الله، والخالق لا يحتاج للمخلوق.

الله ليس كمثله شئ؛ وهذا يعني أنه لا يحتاج للعرش،

فالله لم يخلق العرش ليجلس عليه؛ لأن الله إله لا ينقصه شئ ليستكمله بمخلوق.

سبحانه وتعالى عما يصفون.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart