A peaceful mosque interior featuring a backlit window, rehal stand, and intricate architecture.

الرد على من قالوا: إنَّ النبي وُلد في الشام.. واستشهدوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكُمۡ لَتَمُرُّونَ عَلَيۡهِم مُّصۡبِحِينَ (١٣٧) وَبِٱلَّيۡلِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٣٨) ﴾ سورة الصافات؟!

مرور الناس على مكان لا يعني أنَّهم وُلدوا فيه.

قال الله تعالى: ﴿ رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِيٓ إِلَيۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡكُرُونَ (٣٧) ﴾ إبراهيم.

هذا يُبين أنَّ المكان الذي نزل فيه إبراهيم (عليه السلام) كان في الصحراء..ولأنَّه كان يخلو من الزرع، والماء؛ كان بالتالي يخلو من السكان؛ وهذا ما ينطبق على مكة في الحجاز.

ولكن ما المراد بقول الحق: ﴿ وَإِنَّكُمۡ لَتَمُرُّونَ عَلَيۡهِم مُّصۡبِحِينَ (١٣٧) وَبِٱلَّيۡلِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٣٨) ﴾؟

كان مجموعة من قريش يسافرون إلى الشام للتجارة؛ قال الله تعالى: ﴿ لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ (١) إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ (٢) ﴾ قريش.

وأثناء وجودهم هناك كانوا يمرون على ءاثار قوم لوط (عليه السلام) التي أهلكها الله تعالى لاصرارهم على فعل الفاحشة، وقطع السبيل، وكفرهم بالله.

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكُمۡ لَتَمُرُّونَ عَلَيۡهِم مُّصۡبِحِينَ (١٣٧) وَبِٱلَّيۡلِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٣٨) ﴾ سورة الصافات.

لفظ (مُصبحين) لا يعني (دائمًا) أنَّهم كانوا يمرون طوال الصباح، أو في كل صباح طوال السنة.

ولكن وهم في رحلتهم التجارية بالشام؛ كانوا يذهبون إلى تجارتهم: ﴿مُّصۡبِحِينَ﴾ أي في بداية اليوم حين يقبل عليهم الصباح.

كذلك: (مصبحين) لا تعني أنَّهم وُلِدُوا في ذات المكان الذي كان فيه قوم لوط؛ وبالتالي هذه الآية لا تعني أنَّ قريش كانوا من الشام.

لو بقوا مثلًا شهرًا في الشام من أجل التجارة؛ فإن هذا يعني أنهم كانوا يذهبون إلى تجارتهم في بداية الصباح، ويعودن إلى مقر إقامتهم في الليل بعد انتهاء يوم العمل.

أمَّا لفظ (بالَّيل) فقد دل حرف (الباء) فيه على التجزئ؛ لأنَّ العودة من العمل التجاري بالطبع ليست مرتبطة دائمًا بتوقيت محدد (واحد) يمكن التحكم فيه تمامًا (كبدايته)؛ ولكن انتهاء العمل التجاري يتوقف على إنتهائهم من عمليات البيع، والشراء؛ أي أنَّ عودتهم كانت في جزء (غير محدد) من الليل بعد انتهائهم من البيع، والشراء، عكس بداية يوم عملهم الذي كانوا يذهبون إليه في بداية الصباح؛ أي في بداية محددة (ثابتة).

أثناء ذهابهم إلى التجارة للبيع، والشراء، في بداية الصباح، والعودة من تجارتهم بالليل، كانوا يمرون على ءاثار قوم لوط في طريقهم بالصباح، وبالليل.

وهذا ليس دليلًا على أنهم كانوا من بلاد الشام (وُلدوا بها).

قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكُمۡ لَتَمُرُّونَ عَلَيۡهِم مُّصۡبِحِينَ (١٣٧) وَبِٱلَّيۡلِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٣٨) ﴾ لقوم النبي (عليه الصلاة والسلام) يلفت أنظارهم ليأخذوا منه العبرة؛ حين ينظرون إلى ءاثار قوم لوط، فيعتبروا مما حدث لهم لما كفروا بربهم، وفعلوا السيئات.

فهم لم يكونوا مُعجزين في الأرض، ولم يكونوا خالدين.

ونقول لمن ظنوا أنَّ قوم سيدنا محمد كانوا من الشام، وأنَّ مكة كانت بالشام!

إنَّ لفظ: (تمرون) ليس دليلًا على أنَّهم وُلِدُوا في المكان الذي كان فيه قوم لوط؛ إنَّما يدل على مجرد المرور من مكان إلى ءاخر، ومثل ما قلت: لا يدل على مولدهم فيه.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart