من الناس من يقول: اليَمُّ هو النهر، ومنهم من يقول: اليم هو البحر، ونجد قولًا ثالثًا يفسر اليم بأنَّه: الهلاك في البحر..
البحر، النهر، العين، واليَمّ..ألفاظ تم ذكرها في القرءان الكريم.
كل لفظ يُعطي دلالة محددة ليست لغيره (ولو بدا غير ذلك).
حين نتدبر الآيات التي ورد فيها لفظ: (اليم) سنلاحظ أنَّ اليم له صلة بالبحر، والنهر، والعين..لكن بينهم فوارق لفظية بالغة التفصيل.
ماذا عن دلالة لفظ: (العين) كما جاءت في القرءان؟
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ (٢٥) ﴾ الدخان.
عين الماء (الكبيرة) تُسمى في الَّسان العربي بالبحيرة، وهي تصغير للفظ البحر؛ وقد ذُكرت عين الماء في القرءان بلفظ: (عين) وليس بحيرة.
والعين تعني الماء الذي تُحيط به اليابسة من جميع الجهات.
والعين الصغيرة في الَّهجات العربية لا يُطلق عليها بحر، أمَّا إذا كانت العين كبيرة، ماؤها مِلح، وتطل على عدد من البلاد، يُمكن السفر خلالها فإنه يُطلق عليها لفظ بحر، مثل: البحر الميت، وهو ماء تُحيط به اليابسة من جميع الجهات (ليس له أي منفذ على مجرى مائي ءاخر مفتوح).
ومن أمثلة البحيرات التي لا تُطلق في الَّهجات العربية إلَّا على عيون الماء العذب الكبيرة: بحيرة فيكتوريا التي تُحيط بها اليابسة من جميع الجهات (ليس له أي منفذ على مجرى مائي ءاخر مفتوح).
من عيون الماء ما يتفجر من الأرض؛ قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَجَعَلۡنَا فِيهَا جَنَّٰتٖ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَٰبٖ وَفَجَّرۡنَا فِيهَا مِنَ ٱلۡعُيُونِ (٣٤) ﴾ يس.
ومنها ما يتكون من الأمطار، والسيول.
أمَّا لفظ: (نهر) فيعني في القرءان، وكذلك الَّهجات العربية الماء الجاري، وقد يصب في البحر، مثل: نهر النيل الذي يصب في البحر المتوسط.
والنهر يتشكل من الأمطار والسيول، وقد تتفجر الأنهار من الأرض؛ قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا (٣٣) ﴾ الكهف.
ما الدليل على أنَّ بحر يُطلق على عين الماء (البحيرة) وعلى النهر؟
الدليل على أن بحر يُطلق على النهر، والعين كما يُطلق على البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، وهما من البحار المفتوحة، ويُطلق على المحيط الهادئ..هو قول الله ـ تعالى ـ:
﴿ وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (١٢) ﴾ فاطر.
لقد أجملت الآية الكريمة كل ما سبق في لفظ: (البحر).
نعم، الميحط هو من البحار..وقد سُمي من قبل البشر بهذا الاسم كونه يُحيط باليابسة، والتي نُسميها: القارات.
ولكن القرءان أطلق عليه لفظ البحر وليس المحيط.
مما سبق يتبين لنا أنَّ الآية شملت مصادر المياه العذبة كالأنهار، ومصادر المياه المالحة كالبحر الأحمر، والمحيط فأطلقت عليهم لفظ بحر.
إذًا البحر هو كل تجمع مائي ضخم يُمكن للإنسان أن يسافر من خلاله فيقطع مسافات بعيدة سواء كان نهرًا، مثل: نهري دجلة والفرات، ونهر النيل، ونهر الأمازون في أمريكا الجنوبية، أو عيونًا ضخمة، مثل: بحيرة فيكتوريا في أفريقيا، والبحر الميت في ءاسيا، أو بحرًا مفتوحًا، مثل: البحر الأحمر، وبحر الخليج، والمحيط الهادئ دون التفريق بين شكل الماء عذب، أو مِلح.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلۡبَحۡرَ لِتَأۡكُلُواْ مِنۡهُ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُواْ مِنۡهُ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (١٤) ﴾ النحل.
لا شك أنَّ الآية تشمل كذلك النهر، والعين؛ لأنَّ الإنسان يأكل منهما لحمًا طريًا؛ مما يعني أن البحر يُطلق على العيون الكبيرة، والأنهار، وليس فقط على البحار المالحة.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِيَ فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَٰرَ (٣٢) ﴾ إبراهيم.
هذا تخصيص لفوائد الأنهار بالنسبة للناس، والحياة بصفة عامة.
فالأنهار مُسخرة تجري بأمر الله (ولا يجوز لأحد أن يمنعها) إلى أماكن مُختلفة وبعيدة ناقلة الماء العذب إلى الناس.
كما أنها تحوي الأسماك التي يعتمد عليها الناس في طعامهم.
كيف نستدل على أنَّ الله أطلق لفظ البحر على البحر المفتوح (المالح) وكذلك على النهر، والعين الضخمة (التي ماؤها عذب، أو مِلح)؟
نستدل على ذلك من قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (١٢) ﴾ فاطر.
تلك الآية الكريمة بالغة في البيان، فصلت القول؛ فالبحر ماؤه عذب كالنهر، وماؤه مِلح كالبحر الأحمر..
من الناس من يقول: إنَّ اليَمَّ هو النهر، ومنهم من يقول: اليَمَّ هو البحر، ونجد قول ثالث يفسر اليَمَّ بأنَّه: الهلاك في البحر..
والآن ننتقل إلى لفظ اليَمِّ؛ لنتبين معناه من خلال الآيات التي جاءت في القرءان.
الرأي الذي قال: (إنَّ اليم هو البحر) لا يتفق مع قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ أَنِ ٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ فَلۡيُلۡقِهِ ٱلۡيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأۡخُذۡهُ عَدُوّٞ لِّي وَعَدُوّٞ لَّهُۥۚ وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّي وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ (٣٩) ﴾ طه؛ موسى (عليه السلام) ألقته أمه في النهر، وليس في البحر الأحمر.
إذًا اليم لا يعني البحر المالح المفتوح؛ لأنَّ موسى أُلقيَ في يَمِّ النهر، وليس في يَمِّ البحر الأحمر.
ما الدليل على أنه أُلقي في النهر؟
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِي قَوۡمِهِۦ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِن تَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ (٥١) ﴾ الزخرف، فرعون يسكن بجوار الأنهار؛ فلمَّا رأى ءال فرعون التابوت بالساحل قاموا بالتقاطه.
فليس من المنطقي أن يكون أُلقي في البحر الأحمر، فرعون لم يكن على ساحل البحر الأحمر، ولا أهل سيدنا موسى كانوا يسكنون على ساحل البحر الأحمر.
أمَّا الرأي الذي قال: (إنَّ اليم هو الهلاك، والعذاب في البحر؛ لأنَّ فرعون غرق في اليم) نجده يُخالف القرءان.
فحين نتدبر قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحۡزَنِيٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (٧) ﴾ القصص؛ نجد أنَّ اليم لا يعني الهلاك.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ فَلۡيُلۡقِهِ ٱلۡيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأۡخُذۡهُ عَدُوّٞ لِّي وَعَدُوّٞ لَّه ﴾ حيث يتبيَّن لنا أنَّ اليم كان سببًا لنجاة موسى، وهو ما يُثبت أنَّ اليم لا يعني الهلاك.
وماذا عن الرأي الذي يقول: إنَّ اليم هو النهر.
هذا الرأي لا يتفق مع الآيات التي تُبين لنا غرق فرعون وجنوده؛ لأنَّه من المستحيل غرق فرعون في النهر.
كيف نتبين ذلك من بلاغة القرءان؟
بعد أن تجاوز موسى البحر، وسار مسافة على اليابسة، وجد قومًا يعكفون على أصنام لهم!
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ قَالُواْ يَٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ (١٣٨) ﴾ الأعراف.
لفظ: (قوم) جاء نكرة؛ ليدل على أنَّ موسى ومن معه من بني إسرائيل لا يعرفونهم؛ وهذا بدوره يدل على أنَّ موسى وصل إلى مكان خارج البلاد التي يحكمها فرعون الذي أمر الناس أن يتخذوه إله من دون الله.
إنَّ فرعون الذي أمر الناس أن يتخذوه إله، لن يسمح لأحد تحت حكمه وسيطرته أن يعبد غيره حتى ولو كانت أصنامًا.
وسيتبين بالتفصيل (في موضوع قادم)؛ أنَّ فرعون، وجنوده أغرقهم الله ـ تعالى ـ في ماء البحر الأحمر، وليس في نهر النيل.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡيَمِّ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنۡهَا غَٰفِلِينَ (١٣٦) ﴾ الأعراف.
ماذا نستنبط مما سبق؟
لاحظوا أنَّ أم موسى ألقته في اليم، واليم ألقاه بالساحل، وفرعون غرق في اليم؛ ذلك يدل على أن اليم هو الماء القريب من الساحل سواء كان نهر، أو بحر مِلح.
اليم: هو الماء الذي يكون بجوار الساحل؛ أي أنَّ اليم هو أطراف ماء البحر، وهو أقل عمقًا من الماء داخل البحر، وهذا يعني أنَّ فرعون هلك وهو بالقرب من الساحل، ولم يهلك في وسط البحر.
لفظ البحر يُطلق على كل الماء من اليم مرورًا بوسط البحر إلى الماء المجاور للساحل المقابل؛ سواء كان بحرًا مِلحًا، أو بحرًا عذبًا.
إذًا اليم هو جزء من البحر، وليس البحر (كله).
وبالتالي: هو جزء من النهر، والعين الضخمة؛ كالبحر الميت، وبحيرة فيكتوريا.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَلَقَدۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِي فَٱضۡرِبۡ لَهُمۡ طَرِيقٗا فِي ٱلۡبَحۡرِ يَبَسٗا لَّا تَخَٰفُ دَرَكٗا وَلَا تَخۡشَىٰ (٧٧) ﴾ طه، هذه الآية تبيِّن لنا أنَّ البحر يكون الماء فيه من الساحل إلى الساحل المقابل مرورًا بوسطه (وسط البحر) لأنَّ سيدنا موسى ضرب البحر (وليس اليم فقط) ثم جاوز البحر إلى الساحل المقابل؛ أي قطع عرض البحر كاملًا.
أما فرعون فغرق في اليم، وليس في وسط البحر؛ وهذا يعني أنَّ اليم جزء من البحر مثل ما هو جزء من النهر، والعين.
الآية تبين لنا: أنَّ البحر يكون من الساحل إلى الساحل المُقابل في الجهة الأخرى.
إذًا البحر هو كل الماء الذي يكون بين السواحل (اليم وهو الماء المجاور للساحل، ووسط البحر).
أدلة أخرى من القرءان تبين لنا: أنَّ اليم يعني الماء الذي يُوجد بجوار الساحل (طرف البحر فقط) سواء بحر مِلح، أو بحر عذب:
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا (٩٧) ﴾ طه.
أي ألقاه وهو على الساحل في الماء القريب من الساحل؛ لذلك جاء الوصف باليم كجزء من البحر.
كذلك قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحۡزَنِيٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (٧) ﴾ القصص؛ هو كذلك من الأدلة التي تُؤكد لنا أنَّ اليم هو الماء القريب مباشرة من الساحل.
أم موسى لم تدخل في اليم، أو في ماء البحر، ولكن وهي على ساحل النهر (البحر العذب) قذفت بالتابوت في اليم.
وذلك يدل على أنَّ اليم لا يعني الهلاك.
كذلك قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَقَالَتۡ لِأُخۡتِهِۦ قُصِّيهِۖ فَبَصُرَتۡ بِهِۦ عَن جُنُبٖ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (١١) ﴾ القصص، نتبين من بلاغة الآية أنَّ اليم هو الماء بجوار الساحل لذلك كانت تُقص التابوت الذي فيه الطفل وهو يسير في الماء في اتجاه قصر فرعون.
الصندوق لم يكن في وسط النهر، ولكن كان في طرفه؛ أي بالقرب من الساحل.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ أَنِ ٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ فَلۡيُلۡقِهِ ٱلۡيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأۡخُذۡهُ عَدُوّٞ لِّي وَعَدُوّٞ لَّهُۥۚ وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّي وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ (٣٩) ﴾ طه؛ هذه الآية جمعت لفظي: (اليم، والساحل) معًا لأنهما مُتجاوران، الساحل هو حدود اليابسة مع البحر، واليم هو حدود ماء البحر مع اليابسة.
لقد بينت الآية الكريمة أنَّ الذي سُيلقي التابوت بالساحل: هو اليم، وهذا يعني أنَّ اليم هو ما يجاور الساحل مباشرة (الماء القريب من الساحل الذي سيُلقى التابوت على الساحل).
إذًا اليم ليس هو البحر، أو النهر، ولا يعني الهلاك، والعذاب في البحر؛ إنَّما هو الماء المجاور للساحل.