Detailed image of an open Quran with prayer beads, symbolizing Muslim culture and spirituality.

لماذا لا يمكن إدراك الله بالبصر في الدنيا و الآخرة؟

البعض يقول: رؤية الله بالعين لا تجوز في الدنيا، ولكن هي ممكنه في الآخرة حين يخلق الله لهم الكيفية التي تناسب رؤيته بالعين!

أقول لهم: وهل تُوجد كيفية يمكنها أن تدرك الخالق فتجعل له مثل ما للمخلوق من صورة تتكون من حدود، وأبعاد؟!

بالتأكيد لا، ويستحيل ذلك من خلال ما نتبينه من القرءان الكريم.

إنَّ ما لا ينبغي في حق الخالق في الدنيا، لا ينبغي كذلك في حقه في الآخرة.

وإلينا الأمثلة على استحالة رؤية الله – تعالى – بالعين:

الملائكة التي لها قدرات ليست للإنسان، وهم يؤمنون بالله إيمانًا كاملًا؛ هل يرون ربهم بالعين؟!

بالتأكيد لا.

وما الدليل على ذلك؟

قول الله – عز وجل – : ﴿ ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ﴾ من الآية (٧) غافر.

دائمًا نستنبط الحق من القرءان دون اختلاف بين ءاياته..

يؤمنون به؛ هو دليل على أنهم لا يرون ربهم بالعين (أي بالبصر) .

وكيف استنبطنا أنهم لا يرون ربهم بالبصر؟

لأن الإيمان لا يكون إلَّا بغيب، وذلك من دقة كلام الله.

وما ينطبق على الملائكة ينطبق على البشر، وكل الخلق.

هل الرؤية تقتصر على الرؤية البصرية؟

هناك رؤية غير بصرية كالتي تعقب السمع، والإحساس بالجلود..

قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ (١٠٢) ﴾ الصافات.

قلنا أنه لن ينظر بالعين إلى قول أبيه! ولكن بالفؤاد (المخ) حتى تتكون بداخله رؤية ليست بصرية بالعين.

إذًا الرؤية لا تتحقق بالعين فقط، ولكن كل ما يدركه الإنسان بالأذن، والجلود؛ تتحقق به كذلك الرؤية..

لو إنسان أُصيب بالعمى؛ هل حُرم من الرؤية تمامًا؟

من ظن أن الرؤية تكون فقط بالعين سيقول نعم.

لكن هذا أراه يُخالف قول سيدنا إبراهيم لسيدنا إسماعيل (كما تبينا من الآية الكريمة) .

فالرؤية (في العموم) لا تتوقف تمامًا بتوقف العين؛ لأن هناك رؤية تتحقق بالأذن (رؤية سمعية) وبالجلود، مثل: (التذوق) وهي رؤية حسية مجردة.

فمن لا يُبصر صورة التفاحة؛ فحين يأكلها؛ سيرى بالتذوق أنها تفاحة،

وكذلك سيرى شكلها من خلال رائحتها هنا تحققت الرؤية دون أن يبصرها بالعين..

وما المراد بالشكل؟

هو الصفات التي تميز الشئ من خلال الملمس، والرائحة، والتذوق..

إذا أنواع الرؤية هي: رؤية بصرية بالعين، ورؤية سمعية بالأذن، ورؤية حسية (ليست سمعية، ولا بصرية) بالجلود.

و كلما زادت الحواس التي تتحقق بها الرؤية؛ كلما تكاملت هذه الرؤية وصارت أكثر وضوحًا، ودقة.

نحن نرى ءاثار صفات الله ولا نرى الصفة ذاتها ﴿ فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠) ﴾ الروم.

مثل رؤيتنا لآثار صفة رحمة الله من نزول الماء من السماء، وإحياء الأرض بعد موتها، وشفاء المريض، وغير ذلك مما لا يُعد، ولا يحصى.

نحن نرى ما يدل على وجود الخالق ولا يمكن أن نرى الله بالبصر، أو ندرك الله نفسه بالحواس.

﴿ لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣) ﴾ الأنعام.

نستدل على وجود الخالق بما خلقه من ملكوت السموات والأرض، وبمشاعر الإيمان، والخشوق لله – تعالى – التي تطمئن بها القلوب.

لقد وصف الله – تعالى – نفسه بقول فصل: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ من الآية (١١) الشورى.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart