أحد الأشخاص قال: لو كان قول الرسول – عليه الصلاة والسلام – : (أُمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، إلى ءاخر الرواية)
مُتناقضًا مع قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ ﴾؛ فإنَّ الآية: ﴿ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ ﴾، ستكون هي كذلك متناقضة مع الآية: ﴿ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ ﴾!
لماذا قوله ليس صحيحًا؟!
لأنه يستحيل أن تتناقض ءايات القرءان مع بعضها.
لكن احتمالية وجود روايات ضعيفة تُخالف ءايات الله لهو شئ ثابت.
وحين نعود إلى ءايات القرءان التي تتحدث عن حرية الإنسان في أن يؤمن أو يكفر؛ نجد أنَّ الآيات متوافقة فيما تُبينه لنا من حرية الإنسان في أن يؤمن، أو يكفر، والأمثلة على ذلك من كتاب الله كثيرة:
قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ ﴾ من الآية (٢٩) الكهف.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزۡدَادُواْ كُفۡرٗا لَّمۡ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِيَهۡدِيَهُمۡ سَبِيلَۢا (١٣٧) ﴾ النساء.
﴿ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ﴾ من الآية (٥٤) النور.
﴿ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ (٩٩) ﴾ يونس.
ءايات كثيرة تُبين لنا حرية الإنسان في أن يؤمن، أو يكفر..
فهل تلك الآيات الكريمة تُخالف قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ ﴾؟!
إنَّ قول الله – عز وجل – : ﴿ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ ﴾ من الآية (٧) الزمر؛
لا يعني أنَّ الله يمنع الناس من أن يكفروا، ولكن مراد الله من الآية هو: إنَّ الإنسان إن كفر بالله؛ فإنَّ الله لا يرضى لعباده الكفر.
فهذا معناه أنَّ الله لن يمنعهم لأن الله قدر لهم حرية الاختيار، وأنَّ الله – عز وجل – لا يُجبرهم على الإيمان، وهم يريد الكفر!
ولكن ليعلموا إنهم إن كفروا فإنَّ الله لا يرضى لهم الكفر.
لماذا؟
لأنَّ الإنسان فعل شيئًا لا يرضى اللهُ عنه، مثل: من يفعل كبيرة من الكبائر؛ فهل إن فعل إنسان الكبائر؛ ذلك يعني أنَّ الله يرضى بفعلها؟!
بالتأكيد اللهُ لا يرضى بفعل الكبائر، وسيُحاسب من فعلها يوم القيامة؛
فإن أكل إنسان المال بالباطل؛ فليعلم أنَّ ذلك لا يُرضي الله تعالى.
إذًا معنى القول: إنَّ الله لا يرضى بفعل الكبائر، هو: أنَّ الله سيُحاسب فاعلها يوم القيامة، وليس المعنى: أنَّه سيمنعه من فعلها (إلَّا إذا شاء الله أمرًا ءاخر).
وعلينا أن نفرق بين لفظ: (لا يرضى)، ولفظ: (يمنع)
لا يرضى لا تعني منع الإنسان من فعل الشئ، ولكن تعني أنه إن فعله فإن الله لن يُجازيه عن فعله خيرًا، مثل: من يُعيق والديه، لا شك أنه فعل شيئًا لا يرضي الله.
أما (يمنع) فهي تعني منع الإنسان من فعل الشئ حتى لو أراد فعله فلن يتمكن من ذلك.
وقول الله في ذات الآية ﴿ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ ﴾ يؤكد أنَّ المراد ليس المنع، ولكن التفريق بين ما يرضاه الله تعالى، وما لا يرضاه.
إنَّ ءايات القرءان لا يُمكن أن تختلف مع بعضها.
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا (٨٢) ﴾ النساء.