إنَّ الدين الذي إرتضاه اللهُ لنا هو الإسلام، قال – سبحانه وتعالى – : ﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِءَايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ (١٩) ﴾ آل عمران.
ولكن لا يخلو وقت من الأوقات من الذين يُشككون في أنَّ الإسلام هو دين جميع الأنبياء والرسل – عليهم السلام – خاصة في الفترات الأخيرة التي كثر فيها من يزعمون وجود تناقض في القرءان الكريم..
وذكروا قول الله – تعالى – : ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) ﴾ آل عمران.
ثم قالوا: إنَّ محمدًا يقول في سورة الأنعام : ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ من الآية (١٦٣).
فقالوا: من نُصدق يا تُرى..؟!
هل إبراهيم هو أول المسلمين؛ أم محمد هو أول المسلمين؟!
وللرد عليهم
يجب أن نصوب المفاهيم الخاطئة التي ليست من القرءان الكريم..
ومن تلك المفاهيم: الظن بأنَّ الله – تعالى – أنزل أكثر من دين على أكثر من رسول، مثل: اليهودية، والنصرانية، ويظنون أنَّ الإسلام هو الدين الذي نزل على محمد – عليه الصلاة والسلام – ولم يكن دين من سبقوه من الأنبياء، والرسل!
وبهذا ظن من يلقون الشبهات حول القرءان أنَّ إبراهيم – عليه السلام – لم يكن مُسلمًا
لماذا لم يكن مسلمًا؟!
لأنَّه من وجهة نظرهم الخاطئة سبق في وجوده محمدًا – عليه الصلاة والسلام – بآلآف السنين!
وحين ذَكر القرءان: أنَّه كان حنيفًا مُسلمًا؛ اعتبروه تناقضًا في القرءان؛ لأنه جاء في القرءان القول: محمد هو أول المسلمين!
ولو كان إبراهيم مُسلمًا كذلك؛ فلماذا محمد يقول: إنَّه أول المسلمين، وقد سبقه إبراهيم في الإسلام؟!
كل ما طرحوه لنا يدل على أنهم لا يتدبرون القرءان!
نعلم أنَّ سيدنا إبراهيم قد سبق في الوجود النبي- عليه الصلاة والسلام – بآلآف السنين، وكان حنيفًا مُسلمًا.
هذا ما نتبينه من قول الله – تعالى – : ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) ﴾ آل عمران.
كان هذا ردًا من القرءان على من قالوا: إنَّ إبراهيم كان يهوديًا، ومن قالوا: إنَّه كان نصرانيًا، و ردًا على من قال: إنه كان من المشركين!
حين ذَكر القرءان محمدًا – عليه الصلاة والسلام – أمره اللهُ – تعالى – أن يقول: ﴿ قُلۡ إِنَّنِي هَدَىٰنِي رَبِّيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ دِينٗا قِيَمٗا مِّلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (١٦١) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) ﴾ الأنعام.
هل هذا اختلاف بين الآيات مثل ما يظن البعض؛ أم لا؟!
نقول لهم: لا تناقض بين الآيات كون إبراهيم – عليه السلام – مُسلمًا، ومحمد – عليه الصلاة والسلام – هو أول المُسلمين..
كيف هذا؟!
علينا أن نتدبر القرءان لندرك أنه لا اختلاف بين ءاياته أبدًا..
فقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليس المراد به: أنَّه أوَّل المُسلمين من البشر منذ سيدنا ءادم، أو أنَّه سبق سيدنا إبراهيم في أنًه مُسلم.
إنما الآية بيَّنت أنَّ النبي – عليه الصلاة والسلام – هو أوَّل المُسلمين من قومه الذين اُرسلَ إليهم، ومن الناس الذين ءامنوا برسالته.
أول المسلمين من قومه، وهذا يعني أنَّ سيدنا إبراهيم هو كذلك مسلم.
ذلك لأن الدين عند الله الإسلام منذ ءادم إلى أن تأتي الساعة..
وبذلك لا يُوجد تعارض بين الآيات الكريمة.
نعم إبراهيم – عليه السلام – مسلم لأن الدين عند الله الإسلام، ومحمد – عليه الصلاة والسلام – هو أول من أسلم لله من قومه، ومن الناس الذين أُرسل إليهم.
هذا نتبينه حين نتدبر القرءان الكريم الذي يثبت لنا أنه كلام الله الذي لا اختلاف فيه أبدًا
﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِءَايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ (١٩) ﴾
والله أعلم.