والحفاظ على الصلاة يعني تكرار إقامتها في مواقيتها كل يوم وليلة.
ومن يحسن صلاته من قيام، وركوع وسجود، وكل هيئاتها التي بينها الرسول – عليه الصلاة والسلام – للمسلمين، وخشع لله في صلاته؛ فإنه ممن قال اللهُ عنهم: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) ﴾ المؤمنون.
والفلاح هو ما يبتغيه المؤمن من عمله الذي يريد به وجه الله تعالى.
وقد حذر الله – عز وجل – من النهي عن الصلاة ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ (١٠) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ (١١) ﴾ العلق.
لفظ: (ينهى) من بلاغته أنه يثبت لنا أنَّ الصلاة هنا من قيام، وركوع، وسجود،
وليست صلة معنوية تكون في النفس مثل ما يزعم من ينكرون الصلاة الحركية.
ولأن الله حذر من نهي العبد عن الصلاة؛ فهذا يبين لنا أنَّ النهي عن الصلاة لهو أمر عظيم؛ لأنه يمنع المؤمن من الخشوع لله، وتنقية النفس، وفلاح صاحبها.
ومع ذلك، وما للصلاة من أهمية في حياة المؤمنين؛ ظهر من يُنكر وجود الصلاة من قيام وركوع وسجود، وظهر من يُنكر الوضوء!
وقلب أحدهم الأمور؛ ليظن الناس أنَّه يتكلم بعلم!
وقد كثر ذلك بدعوى وجود: المجاز في القرءان.
ولكن ما هي إلَّا محاولات لنهي الناس عن الصلاة، والحفاظ عليها، والتقرب بها إلى الله تعالى.
هل في القرءان مجاز؟
لأنَّ القرءان هو كلام الله، واللهُ لا يقول إلَّا الحق؛ لهذا لا مجاز أبدًا في القرءان.
إنِّ من أنكر الوضوء لجأ إلى التأويل والمجاز؛ فبدل في قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ ﴾ من الآية (٦) سورة المائدة.
وقال: إنَّ معنى: (فاغسلوا) في الآية؛ هو معنى مجازي، يكون أثناء الصلاة ذاتها، وليس قبل إقامتها!
ونحن نسأل هؤلاء؛ هل معنى: ﴿ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ﴾، هو ذات معنى: إذا أقمتم الصلاة؟!
المعنى حسب دقة الألفاظ في القرءان يختلف.
إذا أقمتم الصلاة؛ نستنبط منها أنَّهم في الصلاة (ذاتها) أي بعد أن توضأ كل فرد، واستقبل القبلة، ودخل في الصلاة من بعد تكبيرة الإحرام فأقامها؛ أي أصبح في الصلاة.
لكن قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ﴾؛ الَّذي حرفوه من خلال التأويل، والمجاز؛ نراه قد وصف الزمن الَّذي يسبق الدخول في الصلاة، والَّذي يكون فيه الوضوء للصلاة؛ أي قبل الدخول في الصلاة، وليس بعد الدخول فيها.
ما الدليل على ذلك؟
لفظ: (إلى) يدل على الانتقال المادي سواء من مكان لآخر، أو من وقت لآخر؛ ولا يعني الدخول في الشئ.
)وقد بينا ذلك في بعض الموضوعات).
كما أنَّ بعض الألفاظ، مثل: (فاغسلوا، ماءً)؛ لا يمكن تأويلها بمعاني مجازية؟! إنها دائمًا لا تعني إلَّا المعنى الحق، وهو: غسل الأعضاء كالوجه، واليدين بالماء؛ أي الوضوء قبل إقامة الصلاة والدخول فيها.
إذًا قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ﴾، ليس بمعني: إذا أقمتم الصلاة.
والله أعلم