quran, islam, book, muslim, islamic, god, quran, quran, quran, quran, quran

القرءان لا ينقصه البرهان (الدليل القاطع) على أنه كلام الله.

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ ﴾ من الآية (٨٩) النحل.

إنَّ دقة الألفاظ في القرءان تُمكن من يتدبر ءايات الله من استنباط البرهان على أنَّ القرءان هو كلام الله.

ما هو البرهان الذي يبين للناس أنَّ القرءان هو كلام الله؟

كل قول في القرءان هو برهان؛ لأن كل قول في كتاب الله هو قول بليغ فصل، بالغ الكمال في الوصف، والبيان، نتبين منه أنَّ القرءان هو كلام الله، وليس كلام بشر.

وحين نتدبر القرءان سنجد أنه مُعجز في كل لفظ، وموضع، مثل ما نتبينه من قول اللهُ – تعالى – : ﴿ فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَايَةٗۚ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ (٩٢) ﴾ يونس.

قال من طعنوا في غرق فرعون: هل فرعون غرق أم نجا؟!

لقد تداخلت عليهم الألفاظ فظنوا أنَّ البدن هو ما فيه النفس؛ وبالتالي: فيه الحياة!

لكن بلاغة الوصف، والبيان في القرءان تضع القول الفصل، والبرهان على غرق فرعون..

كيف ذلك؟

حين نتدبر القرءان يتبين لنا أنَّ البدن هو الجسم بعد أن خرجت منه النفس بالموت، ذلك يعني أنَّ البدن هو ما يتحلل بعد موت الجسم.

ماذا نستنبط من ذلك؟

أنَّ فرعون قبل الموت كان (جسمًا، ونفسًا) وحين خرجت نفسه بالموت تحول جسمه الذي فيه حياة إلى بدن (لا حياة فيه) وهذا ما يتوافق مع الآية الكريمة، الأمر الذي يعني أنَّ فرعون غرق بالفعل؛ لأن نجاة البدن لا تعني نجاة الجسم، والنفس.

ومن دقة البيان في القرءان جاء (ببدنك) لماذا؟

الباء دلت على الجزء، وليس كل فرعون (نفس، وجسم).

الباء جاءت للتجزيئ؛ وهذا يُبين دقة القرءان؛ فالبدن جزء من فرعون؛ لأن فرعون يتكون من نفس، وجسم.

وبعد خروج النفس بالموت، وموت الجسم تحول جسم فرعون لبدن (لا حياة فيه).

هنا تظهر بلاغة الوصف في القرءان حين جاء ﴿ فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ﴾ وليس: (نُنجي بدنك).

(نُنجي بدنك) البدن هو العبرة، وليس فرعون، لكن ﴿ نُنجيك ببدنك ﴾ فرعون هو العبرة، وليس البدن (ذلك الطاغية لم ينفعه طُغيانه، ولم يدفع عن نفسه الموت).

حرف الباء ﴿ ببدنك ﴾ لأن البدن جزء من فرعون، ونجاة البدن من الهلاك في البحر هي نجاة لجزء من فرعون.

وقد دلَّ ذلك ببلاغة أنَّ فرعون مات في البحر؛ لأن نجاة الجزء لا تعني نجاة نفس فرعون ، وجسمه.

النجاة عادت على الجزء؛ وهو البدن، وليس الكل (نفس فرعون، وجسمه).

بذلك يتبين لنا من القرءان (بالبرهان) أنَّ فرعون غرق، لأن نجاته ببدنه ليست نجاة لنفسه، وجسمه.

وهذا يثبت والبرهان انه لا تناقض في الآية.

أليس هذا دليل على أنَّ القرءان به من البرهان (الدليل) ما يُثبت أنَّه كلام الله؟

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ﴾ من الآية (١٩٦) البقرة.

هذه الآية طعن فيها المُلحدون من مئات السنين، وقالوا: وهل الناس لا يعلمون أنَّ مجموع ثلاثة، وسبعة يساوي عشرة، وهل توجد عشرة كاملة، وأخرى ناقصة؟!

فقالوا: هذه الآية لا بلاغة فيها وهي زائدة!

ولكن حين تدبرنا لفظ كاملة من قبل في القرءان، تبين لنا أنَّ لفظ كاملة يدل على العدد الذي يتكون من معدود منفصل (ليس متتابع).

فلو قال إنسان: سأصوم ثلاثة أيام كاملة؛ فإننا نفقه من ذلك أنَّ الثلاثة أيام ستكون مُتفرقة، وليست متتابعة.

كان سبب وجود عشرة في الآية هو وجود كاملة، وكان سبب وجود كاملة هو أنَّ الله أراد أن يُبين لنا أن صيام ثلاثة أيام في الحج تكون مُتفرقة، وليس شرطًا تكون مُتتالية، وكذلك بعد الرجوع صيام سبعة أيام تكون مُتفرقة، وليس شرطًا تكون مُتتالية.

بيَّن ذلك دقة التشريع في القرءان لمن يتدبر ءايات الله، وبين أنَّ قوله: ﴿ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ﴾ لم يكن زائدًا، أو غير بليغ؛ بل هو قول بالغ الدقة والكمال، لا يأتي إلَّا من الخالق الذي أحاط بكل شئ علمًا.

إذًا لا تناقض في الآية الكريمة.

أليس هذا برهانًا على أنَّ القرءان به من البرهان (الدليل القاطع) ما يُثبت أنَّه كلام الله؟

من دقة القرءان التي بينتها من قبل؛ دقة لفظ (كما) في الآية التي ذَكرت طريقة الوحي إلى النبيين، ولم تذكر موسى – عليه السلام – معهم الذي جاء ذِكره وحده في الآية التي تلتها.

ربما لا ينظر إليها الكثير، لكن حين نتبين الفرق بين لفظي: (كما، مثل ما) من خلال تدبر القرءان نتبين دقة الألفاظ في القرءان الكريم، ومُعجزاته البيانية.

من قبل قلنا: إنَّ لفظ (مثل ما) يدل على التشابه، وليس التطابق.

أما لفظ (كما) فهو يدل على التطابق، وليس التشابه بين الأشياء.

﴿ إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ ﴾ أي أنَّ الله أوحى عن طريق ملائكته؛ لأنَّه حين يأتي لفظ: (أوحينا) فنعلم أنَّ الله أوحى للنبي عن طريق الملائكة، وليس مباشرة، وأنَّ الملائكة أوحت للنبي مباشرة ما أوحاه اللهُ إليها، أو ما أوحاه إلى ملك مقرب (لذلك يأتي اسلوب الجمع).

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيۡمَٰنَۚ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا (١٦٣) وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا (١٦٤) ﴾ النساء.

ذلك من بلاغة القرءان.

اللهُ – تعالى – أوحى إلى النبي – عليه السلام – وكذلك إلى سيدنا نوح، والنبيين من بعده، ومنهم سيدنا هارون عن طريق الملائكة.

لكن لماذا لم يتم ذِكر سيدنا موسى معهم، وتم ذكر أخيه هارون – عليه السلام- ؟

ولماذا تم ذِكر سيدنا موسى بمفرده في الآية التي تلتها، ومعه طريقة الوحي: ﴿ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا ﴾؟

عند تدبر القرءان تظهر دقة الآية التي جاء فيها لفظ (كما) فبسبب وجود (كما) لم يتم ذِكر موسى – عليه السلام – في الآية!

لأنَّه، (ومثل ما بيَّنا من قبل) لفظ (كما) يدل على التطابق، وليس التشابه. ونعلم أنَّ الأنبياء كان يُوحى إليهم عن طريق الملائكة، بينما سيدنا موسى أُحي إليه مباشرة من الله – عز وجل – بدون ملك رسول؛ قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا ﴾.

هذه دقة ليست في مقدور البشر، ولا الجن على أن يأتوا بمثلها؛ بل هي قدرة الله – تعالى – الذي أحكم ءاياته، والتي نحتاج إلى تدبرها لنستنبط بإذن الله ما فيها من معاني، ودقة، وبلاغة، وإعجاز.

أليس ذلك برهان (في حد ذاته) ودون شهود من البشر على أنَّ القرءان هو كلام الله حقًا، وصدقًا؟

هذا هو التصديق الذي يأتي بالتدبر؛ لأنَّه يُبين الحقائق التي في القرءان، التي تدل على أنَّه كلام الله – سبحانه وتعالى – كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

أمَّا من ءامن فهو لا ينتظر البرهان على أنَّ القرءان هو كلام الله.

وإذا جاءه برهان مع الزمن فإنَّ ذلك يزيده إيمانًا.

﴿ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ يُؤۡمِنُونَ (٦) ﴾ الجاثية .

والله أعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart