وأنَّ ريان بن الوليد، أو الريان ابن هل كان يوسف (عليه السلام) ملكًا على مصر، وهل جاء من البدو، أم كان من بلاد: وادي النيل (كما يزعم بعض الباحثين)؟
حين نذكر الآيات التي تحدثت عن يوسف؛ نتبيَّن أنَّه كان من البدو، ولم يكن من مصر، أو غيرها من بلاد وادي النيل..
والبدو دليل على الترحال والتنقل للبحث عن الماء، والمرعى.
ومن النادر أن يستقروا في مكان واحد (في البادية) التي يعيشون فيها.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ (٢٥) ﴾ الحج.
لفظ: (الباد) يدل على التنقل وعدم البقاء الطويل في المسجد الحرام، عكس لفظ: (العاكف) الذي يعني البقاء لأيام داخل المسجد الحرام.
من ءايات سورة يوسف؛ سنتبين أنَّ سيدنا يوسف لم يكن إخناتون.
حين أراد إخوة يوسف أن يبعدوه عن أبيهم؛ أجمعوا على أن يجعلوه في غيابات الجُب (والجُب هو الجدار من داخل البئر)، فهم لم يلقوه في ماء البئر؛ لأنهم أرادوا أن يحافظوا على حياة أخيهم؛ ليأخذه بعض السيارة (الذين يرتحلون، ويبحثون عن الماء في طريقهم) قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (١٥) ﴾.
أخرجوهم من الأرض.
تُقدر الأبحاث التاريخية، والدينية أنَّ وحين وجده بعض السيارة أخرجوه من الجُب وباعوه لعزيز مصر، وهذا من الأدلة على أنَّ يوسف لم يكن من مصر؛ ولكن جئ به إلى مصر عبر السيارة الذين وجدوه في الجُب.
ومن الأبحاث (خاصة في الفترة الأخيرة) والروايات الدينية ما أشار إلى أنَّ يوسف عاش في ظل حكم الملوك الرعاة (الهكسوس) الذين جاءوا من غرب ءاسيا.
وكانت عاصمتهم بالقرب من الزقازيق بالشرقية بمصر.
وقالوا: إنَّ صاحب منصب: (عزيز مصر) هو رجل من الهكسوس، وكان الحاكم (فيهم) يُلقب بالملك، ليس فرعون.
وقد دون ملوكُ مصر القديمة وقت قتلهم للملوك الرعاة، وكيف يوسف عاش في تلك الفترة؛ فترة الملوك الرعاة (الهكسوس).
ومن الروايات التي تُنسب لمؤرخين عرب
ريان ابن الوليد كان من ملوك الهكسوس..
وهذا يتوافق مع الاسم الذي أطلقه اليونانيون على أحد ملوك الهكسوس في مصر، وكان اسمه حسب اليونانية: (خيان).
نلاحظ تشابه الإسمين: (خيان، ريان)، وكلاهما أشار إلى ملك من الهكسوس، علمًا بأنَّ سيدنا يوسف لم يتم ذِكره في الحضارة المصرية القديمة؛ لأنَّ الأحداث كانت في الجزء الواقع تحت سيطرة الهكسوس الذين دخلوا مصر (حسب بعض الأبحاث الحديثة التي تعتمد على دراسة الجينات) بطريقة سلمية؛ كمُهاجرين، وتجار، وعاملين.
الوليد؛ هو الملك الذي قام بتعيين يوسف (عليه السلام) عزيزًا لمصر بعد أن قام يوسف بتأويل رؤيا هذا الملك..
وبالعودة إلى ءايات القرءان؛ يتبين لنا أنَّ يوسف (عليه السلام) كان من البدو، وليس من مصر ( هذا ما أُريد إثباته من تبين الآيات).
أما المحتمل؛ فهو: أنَّه كان يعيش في الجزء الذي يحكمه الهكسوس الذين جاءوا من غرب ءاسيا، وليس في باقي أرض مصر (التي يحكمها القدماء المصريون).
هذا ما أميل إليه؛ خاصة حين نتبين من القرءان في (موضوعات قادمة أكثر تفصيلًا) مكان البحر الذي انشق أمام موسى حين خرج فرعون وجنوده لقتل سيدنا موسى، ومن معه من رجال بني إسرائيل.
نعود لنتبين أنَّ يوسف لم يكن من مصر ولم يكن ملكًا على مصر القديمة، ولا ملكًا على الهكسوس (بغض النظر عن دقة الفترة الزمنية، والمكان).
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشۡتَرَىٰهُ مِن مِّصۡرَ لِٱمۡرَأَتِهِۦٓ أَكۡرِمِي مَثۡوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗاۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ (٢١) ﴾ نلاحظ أنَّ عزيز مصر ليس هو الملك.
ورد لفظ: (الملك) في قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ إِنِّيٓ أَرَىٰ سَبۡعَ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعَ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖۖ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ أَفۡتُونِي فِي رُءۡيَٰيَ إِن كُنتُمۡ لِلرُّءۡيَا تَعۡبُرُونَ (٤٣) ﴾.
وبعد أن أوَّل يوسف (وهو في السجن) الرؤية للملك (بعلم أوحي إليه من الله ـ تعالى ـ ) طلب الملكُ أن يأتوه بيوسف؛ قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦۖ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرۡجِعۡ إِلَىٰ رَبِّكَ فَسۡـَٔلۡهُ مَا بَالُ ٱلنِّسۡوَةِ ٱلَّٰتِي قَطَّعۡنَ أَيۡدِيَهُنَّۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيۡدِهِنَّ عَلِيمٞ (٥٠) ﴾.
وهذا يعني أنَّ الملك ليس هو عزيز مصر، وليس هو الذي اشترى يوسف.
سألهن الملك عن عن مراودتهم ليوسف عن نفسه؛ فبرَّأن يوسف؛ وقالت امرأة العزيز كما ورد في كتاب الله: ﴿ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ (٥١) ﴾.
امرأة العزيز تبرئ يوسف أمام الملك (وليس عزيز مصر).
﴿ وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦٓ أَسۡتَخۡلِصۡهُ لِنَفۡسِيۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُۥ قَالَ إِنَّكَ ٱلۡيَوۡمَ لَدَيۡنَا مَكِينٌ أَمِينٞ (٥٤) قَالَ ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ (٥٥) ﴾
فجعله الملك في منصب عزيز مصر كما طلب يوسف (عليه السلام).
الملك يعين من ينوب عنه في خزائن الأرض في منصب يُسمى: عزيز مصر، ومن قام بتعيين يوسف (عليه السلام) هو الملك كما ورد في القرءان.
ومن الأدلة الأخرى التي تؤكد أنَّ يوسف لم يكن ملكًا على مصر، ولكن كان: عزيز مصر؛ قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ قَالُواْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبٗا شَيۡخٗا كَبِيرٗا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (٧٨) ﴾ هذه وردت على لسان إخوة يوسف (فلم يقولوا له أيها الملك).
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ قَالُواْ نَفۡقِدُ صُوَاعَ ٱلۡمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمۡلُ بَعِيرٖ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِيمٞ (٧٢) ﴾ لم يقولوا صواع العزيز. وكما نلاحظ جاء لفظ: (بعير) وهو ما يعني أنهم لم يكونوا من مصر؛ ولم يكونوا من وادي النيل.
البعير ذَكَر الإبل، أمَّا الأنثى فتسمى ناقة، والإبل هي جمع للذكور، والإناث.
﴿ وَسۡـَٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلۡعِيرَ ٱلَّتِيٓ أَقۡبَلۡنَا فِيهَاۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ (٨٢) ﴾.
﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِيرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَۖ لَوۡلَآ أَن تُفَنِّدُونِ (٩٤) ﴾.
يُشير لفظ العير إلى أصحاب القوافل التي كانت مع إخوة يوسف حين ذهبوا إلى مصر ليتزودوا بالحبوب.
معنى ذلك أنهم جاءوا من بلاد خارج مصر عبر سيناء (وسيناء سيكون لها دور في كشف الكثير من الأحداث (فيما بعد) وفقًا لوصف القرءان.
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ (١٠٠) ﴾ عرش (كرسي عزيز مصر) وليس الملك، ونلاحظ ذِكر لفظ: (البدو) ليدل مجددًا على أنَّ سيدنا يوسف جاء من البدو، ولم يكن من مصر.
القرءان يُبين لنا ذلك بقول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ ﴾ فالآية تصف الأرض، والحياة التي كان يعيش فيها يعقوب (عليه السلام) وأهله فلم يكن لديهم أنهار، أو تربة طينية.
وحسب القرءان (وليس ما تزعمه بعض الأبحاث الحديثة التي خالفت ما جاء في القرءان، والتاريخ؛ والواقع، والعقل؛ لتهدم يقين المسلمين بحقيقة القصص القرءاني) يوسف (عليه السلام) لم يكن من وادي النيل، أو مصر.
لم يكن مع المصريين القدماء، ولكن عاش في ظل حكم الملوك الرعاة (الهكسوس) الذين حكموا جزءًا من مصر.
وذلك يفسر لنا بيع يوسف لعزيز مصر.
لأنه كان عند الهكسوس بيع وشراء البشر كجواري، وعبيد، وكانوا يعبدون الأصنام، ويتعاملون بالدراهم.
وكان فرعون واحدًا من ملوكهم.
أما في مصر القديمة فلم يكن عندهم تلك الأشياء، وكان ينتشر عندهم التوحيد (الإيمان بالله ـ تعالى ـ ).
والقول بغير ذلك كان افتراءً من قبل البعض ليظن الناس أنَّ فرعون كان لقبًا لملوك مصر القديمة، وأنهم هم من استعبدوا بني إسرائيل.
بني إسرائيل كانوا من غرب ءاسيا مثل الهكسوس، عاشوا تحت حكمهم، وكانوا يشتركون في ثقافة واحدة انتشر فيها نظام الجواري، والعبيد، وعبادة الأصنام.
إنَّ ءايات القرءان تُبين لنا تلك الثقافة التي تتوافق مع حياة الهكسوس، وليست مع الحياة في مصر القديمة التي تُظهر التوحيد.