الحكم على بلاغة الألفاظ في القرءان، واستنباط دلالاتها ليس شعارًا يبدو لنا !
القول بالرأي في ءايات القرءان يُؤدي إلى اختلاف وجهات النظر؛ لأنَّه يعتمد على محاولات التوفيق بين ما نراه واعتدنا عليه؛ دون دليل عليه من القرءان.
فلا ينبغِ أن نتبين ما في الآيات من حق بمعاني دارجة اعتدنا عليها وترسخت في أفئدتنا بعيدة عن بلاغتها في القرءان.
ذلك حتى لا نقع في القول بالرأي حين نتبين مراد الله من الآيات؛ لأن القول بالرأي يُخرج الآيات عن مرادها الحق.
من الأمثلة على دقة البيان والوصف في القرءان، وأنَّ لكل لفظ دلالته التي لا تتغير: لفظ: (فطر) يأتي في القرءان وصفًا للشئ الَّذي تم خلقه لأوَّل مرة، وليس للشئ الَّذي يُعاد خلقه من جديد.
مثل: خلق السموات والأرض؛ حيث نتبيَّن من قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (٧٩) ﴾ سورة الأنعام؛ أنَّ السموات والأرض لم يُعاد خلقهنَّ؛ بل هنَّ كما فطرهنَّ الله أوَّل مرة.
أمَّا الناس بعد البعث فالوصف المناسب لبعثهم، هو: الله خَلَقَهم من جديد ـ أعاد خلقهم ـ وليس فطرهم، ونتبيَّن ذلك من قول الله ـ تعالى ـ :
﴿ وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا (٤٩) قُلۡ كُونُواْ حِجَارَةً أَوۡ حَدِيدًا (٥٠) أَوۡ خَلۡقٗا مِّمَّا يَكۡبُرُ فِي صُدُورِكُمۡۚ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا (٥١) ﴾
سورة الإسراء. فطرهم اللهُ في الحياة الدنيا ـ خَلَقَهم أوَّل مرة ـ ويوم القيامة يُعيد اللهُ ـ تعالى ـ خلقهم من جديد.