يظن كثير من الناس أنَّ النكاح هو الدخول بالزوجة، وأنَّ ما يسبق النكاح هو: عقد الزواج.
حين نعود للقرءان يتبين لنا أنه حدث خلط بين مفهوم النكاح من ناحية، ومفهوم لفظ: (الزواج) الاصطلاحي من ناحية أخرى.
ونتيجة لذلك اكتسب لفظ: (الزواج) مفهومًا ليس له، ووُضع لفظ: (النكاح) في غير دلالته.
لا شك أنَّ المفهوم غير الدقيق لدلالات الألفاظ يُؤدي لتداخل في فهم مسميات التشريع؛ لأنه يُخرج اللفظ عن دلالته الحقة التي جاءت في الآيات؛ وبالتالي: يُؤدي لمفهوم ليس دقيقًا، من شأنه أن يتعارض مع آيات القرءان.
كيف نتبين دقة لفظ: (النكاح) ونضعه في مفهومه الصحيح؟
قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ (237) ﴾ سورة البقرة.
﴿ وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾ أي إن حدث الطلاق قبل أن يدخلوا بأزواجهن ﴿ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ ﴾.
ماذا نتبين من الآية الكريمة؟
قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ ﴾ جاء بعد قوله:
﴿ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾ وهو ما دل على أنَّ النكاح هو العقد الذي يسبق مس الأزواج لأزواجهن.
إذًا الآية فرقت بين النكاح، وبين مس الأزواج لأزواجهن؛ حيث أشار القرءان إلى دخول الأزواج بأزواجهن بلفظ: ﴿ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾ وليس بلفظ: (من قبل أن تنكحوهن) ذلك من بلاغة التعبير، ودقة الألفاظ في القرءان.
وبذلك يتبين لنا أنَّ النكاح ليس هو الدخول بالزوجة، ولكن هو العقد الذي يصير بين الزوجين، والذي يُطلق عليه الناس: (عقد الزواج) وحسب المفهوم القرءاني هو: (عقدة النكاح).
إنَّ وصف الشئ حسب دلالته في القرءان من شأنه ألَّا يُؤدي إلى خلط المفاهيم، أو تبديل دلالات الألفاظ عن مرادها، وسيُؤدي ذلك إلى فقه آيات القرءان الكريم، ودقة التعبير بين الناس.



