ما هي البلاغة في مجئ لفظ: (أتموا) وليس لفظ: (أكملوا) في قوله الله ـ تعالى ـ : ﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِ ﴾ من الآية (١٨٧) البقرة؟!
ذلك من بلاغة البيان في كتاب الله، وإحكام الله لآياته التي لا نتبينها إلَّا بتدبر القرءان كما أمرنا الله ـ عز وجل ـ.
لفظ (أتموا) هو اللفظ المناسب لأنه يدل على المدة ـ الزمنية ـ المتصلة التي لا تنقطع؛ ولأنَّ الصيام يكون من الفجر إلى الليل لا ينقطع؛ جاء: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ ﴾، وليس: ثم أكملوا الصيام إلى الليل.
ولماذا (أكملوا) لا تناسب مراد الله من الآية؟
لأنَّ أكملوا تأتي مع المدة المتقطعة، وليست المتصلة، وهو ما نتبينه من قول الله ـ عز وجل ـ :
﴿ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ ﴾ من الآية (١٨٥) البقرة؛ لأنَّ يوم العيد يفطر فيه الناس؛ وهو بهذا صار فاصلًا بين شهر رمضان، وأيام العدة (لم يجعلهما متصلين)؛ فكانت بلاغة البيان في الآية الكريمة ﴿ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ ﴾، وليست: ولتتموا العدة.
إنَّ كل لفظ في القرءان جاء في موضعه بإحكام بالغ ليس للمخلوقات بمثله؛ فسبحان من قال: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِ ﴾؛ حين أراد أن يكون الصيام من الفجر إلى الليل متصلًا (غير متقطعم).
وحين أراد اللهُ ـ تعالى ـ أن يكون هناك فاصلًا بين شهر رمضان، والعدة المكملة له جاء القول البليغ: ﴿ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ ﴾؛ وليس (ولتتموا العدة)؛ هذا الفصل هو: يوم العيد.