A vivid yellow dove soaring with wings spread wide, captured mid-flight against a lush green background.

لفظ: (الحيوان) في القرءان لا يعني الكائن الحي!

في بعض معاجم اللسان العربي، و بعض كتب التفسير يتم اطلاق لفظ: (الحيوان) علي الكائن الحي، وقد تبيَّن أنَّ الكائن الحي في القرءان تم وصفه بالدابة. و بعد تأمل في ءايات القرءان، تبيَّن أنَّ لفظ: (الحيوان) تم ذكره مرة واحدة ، وكان يُعبر عن الحياة في الدار الآخرة؛ قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَمَا هَٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلْءَاخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ (٦٤) ﴾

العنكبوت.

إذًا لفظ: (الحيوان) الَّذي جاء في معاجم اللسان العربي كان وصفًا خاطئًا للكائن الحي الَّذي وصفه اللهُ تعالى: (بالدَّابة). وعند تدبر القرءان، تظهر بلاغة اللفظ القرءاني التي بيَّنت لنا: أنَّه لا ينبغِ أن نُطلق لفظًا في القرءان علي شئٍ أخر في اللسان العربي لايتناسب مع بلاغة ذلك اللفظ التي جاءت في كتاب الله.

ذلك لأنَّ القرءان هو الحق، وليس العلم البشري حال تعارضهُما؛ وإلَّا سيحدث نتيجة ذلك تداخل لمعاني الألفاظ لدى الناس؛ وهو الأمر الَّذي سينتج عنه عدم الفقه الصائب لمعاني الألفاظ في القرءان الكريم، علمًا بأنَّ القرءان هو أساس الوصف الصائب لكل لفظ جاء فيه.

وعودة إلى لفظ: (الحيوان) الَّذي تم ذكره مرة واحدة في القرءان؛ نجده كمعنى: قد دل على الحياة التي ليست لها أجلًا، أو نهاية.

وبذلك فإنَّ لفظ: (الحيوان) في معناه تميز عن معنى لفظ: (الحياة الدنيا).

الحياة الدنيا لها أجل، ونهاية؛ أمَّا الحياة في الدار الآخرة فهي لا تنقطع.

لذلك فإنَّ الحيوان هي الوصف الحق للحياة الأبدية في الدار الاخرة.

ماذا حدث حين تم إطلاق لفظ: (الحيوان) على الكائن الحي؟!

عندما تم إطلاق لفظ: (الحيوان) في اللسان العربي على الكائن الحي؛ أدى إلى اختلال معنى لفظ: (الحيوان) عما أُريد له في القرءان.

حيث تحول معناه من: الحياة الأبدية التى ليست لها نهاية، أو أجلًا؛ إلى معنى للفظ ءاخر (لا يناسبه)، وهو: (الدَّابة من دون الإنسان).

كذلك لفظ: (الدَّابة) الَّذي تم إطلاقه علي الكائن الحي في القرءان، قد أصابه ذات الاختلال حين أطلق عليه الناسُ لفظًا لا يُناسبه؛ وهو لفظ: (الحيوان).

لذلك فعلينا أن نعود إلى الوصف الصائب للفظ: (الكائن الحي) كما جاء في القرءان؛ وهو لفظ: (الدَّابة)، وليس الحيوان لنصوب ما هو دارج في بعض التفاسير، واللسان العربي.

قال اللهُ ـ تعالي ـ : ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَٰفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَٰحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ سورة البقرة (١٦٤).

﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَٰئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ سورة الأنعام (٣٨).

وقد ذكر اللهُ ـ تعالى ـ الطير، (وهو من الدواب) بذكر خاص؛ لأنَّه يطير بجناحيه.

﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ ﴾ سورة هود (٦).

﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ سورة هود (٥٦).

﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ سورة النور (٤٥).

يتبين لنا أنَّ الطير كذلك من الكائنات التي تمشي على رجلين؛ ليُثبت لنا المعنى: (أنَّه من الدواب)، كذلك يطير في وسط مادي وهو: (الهواء).

الأسماك كذلك من الدواب؛ لأنَّها تعيش في وسط مادي وهو: (الماء)، وتمشى على بطنها.

وإن خرجت الأسماك من الماء، واصطدمت بسطح الأرض؛ ستحدث صوتًا (أي دبًا).

وكذلك هي من الكائنات التي لها ثقل (وزن) ونراها بالبصر.

قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ سورة الجاثية (٤).

) بثَّ) دليل على الانتشار والتنقل من مكان لآخر.

 ﴿ وَالْأَنْعَٰمَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَٰفِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ سورة النحل (٥).

الأنعام هي من الدَّواب، ولكن أختصها الله بالذكر؛ لأنَّها ذات منافع (مباشرة) للناس؛ فهم يأكلون من لحومها، ويشربون من ألبانها، وينتفعون بصوفها، وغير ذلك من المنافع الأخرى.

لقد بيَّنت بلاغة الألفاظ في القرءان؛ أنَّ: (الحياة الدنيا)؛ معناها الحياة التي لها أجل ونهاية.

وهذا هو الفارق بينها، وبين لفظ: (الحيوان)؛ الَّذي جاء وصفًا للحياة الأبدية التي لا تنقطع في الدار الاخرة؛ (حياة ليست لها أجلًا، أو نهاية).

قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَمَا الْحَيَوٰةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ سورة الأنعام (٣٢).

الدار الآخرة هي الحيوان التي ليست لها نهاية.

 ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَفِي الْءَاخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَٰتِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ سورة يونس (٦٤).

 ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَفِي الْءَاخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّٰلِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ سورة إبراهيم (٢٧).

المجرم يوم القيامة ليس له حياة؛ لأنَّه في نار جهنم لا يموت فيها ولا يحي. قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ يَٰقَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَوٰةُ الدُّنْيَا مَتَٰعٌ وَإِنَّ الْءَاخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ سورة غافر (٣٩).

وعلي وزن لفظ: (حيوان) نجد لفظ: (رضوان).

قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّٰتِ عَدْنٍۢ ۚ وَرِضْوَٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴾ سورة التوبة (٧٢).

 ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ﴾ من الآية (١٥) آل عمران.

يتبيَّن لنا أنَّ لفظ: (رضوان) القرءاني معناه: أنَّه رضا الله الذي لا ينتهي، ولا يزول عن صاحبه؛ ليطمئن المؤمن بأنَّ الله لن يغضب عليه ابدًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart