قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) ﴾ سورة آل عمران.
قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩) قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (٢٢) ﴾ سورة مريم.
ظن بعض أصحاب الشُبهات أنَّ الآيات التي ذكرناها بينها اختلافًا؛ حيث قالوا: مرة الآيات تقول: إنَّ الذين بشَّروا مريم كانوا ملائكة، ومرة أُخرى تقول الآيات: إنَّ من بشَّر مريم كان ملكًا واحدًا؛
فمن نصدق هل، هو: ملك واحد، أم مجموعة من الملائكة؟!
الآيات الأولى من حيث الترتيب الزمني، ذكرت أنَّ الله أرسل مجموعة من الملائكة ليُبشروا مريم بأنَّها ستُنجب غلامًا زكيًا اسمه: عيسى ابن مريم؛ وذلك لكي لا تتفاجأ مريم ـ عليها السلام ـ حين تحمل بالغلام فيما بعد.
أما الآيات التي جاءت تالية للآيات السابقة من حيث الترتيب الزمني؛ فقد بيَّنت أنَّ من جاء ليُنفذ أمر الله ـ تعالى ـ ويهب لها الغلام الذي بـُشرت به من قبل؛ كان ملكًا واحدًا.
حينها تعجبت مريم عليها السلام؛ لأنَّها لم يمسسها بشر، ولم تكن بغيًا، فأكد لها الملك أنَّ أمر الله كان مقضيًا، فكانت تلك هي اللحظة التي حملت فيها السيدة مريم بعيسى ـ عليه السلام ـ .
وبذلك يتَّضح أنَّ الآيات الأولى كانت للبُشرى من خلال مجموعة من الملائكة، والآيات الأخرى ـ من حيث التريتب الزمني ـ كانت لتنفيذ الأمر بحملها بعيسى ـ عليه السلام ـ.
وبالتالي: ليس في الآيات أي اختلاف على عكس ما زعم الذين يأتون بالباطل ليُضلوا الناس.