هل يُوجد تعارض بين الآية: ﴿ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ ﴾ والآية: ﴿ وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ ﴾؟!

زعم الملحدون أنَّ الأذى هو ذاته الضرر، ولا فرق بينهما!

قولهم هذا؛ لا شك أنه يُخالف قواعد البلاغة في القرءان الكريم، والتي منها:

أنَّ لكل لفظ في القرءان دلالته الخاصة به التي لا تكون لغيره.. فيستحيل بذلك أن يكون الضرر هو الأذى.. بل كل لفظ منهما يُعبر عن مراد معين ليس للفظ الآخر أن يقوم به.

وقد تحدثنا من قبل عن الفرق بين: (الأذى، والضرر)..

وأثبتنا أنَّ الأذي يكون معنويًا، والضرر يكون ماديًا..

ومن الأدلة على ذلك أنَّ الله لا يُصيبه أي ضرر؛ فالله لا يُصيبه أي شئ مادي أبدًا.

لذلك قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَلَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِۚ إِنَّهُمۡ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡ‍ٔٗاۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلَّا يَجۡعَلَ لَهُمۡ حَظّٗا فِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ (177) ﴾ سورة آل عمران.

الله ينفي نفيًا مُطلقًا أنه يُصيبه ضرر.

لكن لم ينفِ وقوع الأذى في حقه ـ سبحانه وتعالى ـ أو في حق رسوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا (57) ﴾ سورة الأحزاب.

ذلك من دقة القرءان في التفريق بين: (الأذى، والضرر) فليس كلاهما بمعنى واحد.

وحسب ما نتبينه من الآية الكريمة؛ الأذى يكون معنويًا، وليس ماديًا، مثل: من يسبون الله، ورسوله.

وذلك نراه يقع بالفعل من بعض الجاهلين الذين يسبون الله، ورسوله، ويسخرون من ءاياته الكريمة..

لكن ليس هناك من يضر الله ـ ماديًا ـ .

حين نطبق ما سبق نتبين التالي:

﴿ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ ﴾ و ﴿ وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ ﴾ نجد أنه ليس بين الآيتين أي اختلاف، أو تعارض؛ لأن الأذى ليس هو الضرر، ليس هو الشئ المادي.

إنما الأذى يكون بالقول، مثل من يسبون النبي، أو يسخرون منه ﴿ وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ (61) سورة التوبة.

 الآية تُثبت لنا أنَّ الأذى يكون بالقول، وليس شيئًا ماديًا حيث قال ـ سبحانه وتعالى ـ : ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾.

  أما الضرر فيكون ماديًا، مثل: القتل، أو الإضلال عن سبيل الحق؛ وذلك لم يحدث للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ .

وذلك ما نتبينه من الآية الكريمة: ﴿ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا (113) ﴾ سورة النساء.

لقد جاء نفيًا مُطلقًا فيما يتعلق بالضرر؛ لأن الضرر مادي، ولم يتمكن أحد من أن يضر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في حياته.

ولكن هل الإضلال ضرر؟

نعم، ذلك لأن إضلال الإنسان عن سبيل الحق، هو ضرر, له وقع مادي، وليس معنويًا..

لأن من يَضلُ عن سبيل الحق؛ يخسر مصيره في الآخرة، ويقع عليه العذاب في جهنم.

ذلك ما نتبينه من بلاغة البيان في القرءان الكريم.

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا (82) ﴾ سورة النساء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart