quran, islam, book, muslim, islamic, god, quran, quran, quran, quran, quran

ما هو خطأُ (محمد شحرور) في تفسيره للفظي: (المال، والبنون)؟

قال (محمد شحرور): إنَّ (البنون) لا تأتي في القرءان بمعنى الأبناء الذكور فقط، ولكن تعني في ءايات أخرى: كل ما كان من أملاك الإنسان من الأشياء غير المنقولة؛ كالأبنية، و الطرق، و الأرض؟!

أمَّا عن (المال)؛ فقال (شحرور): هو ما دلَّ على المنقولات فقط؛ كالذهب، و الفضة، و السيارة، و الهاتف..

لذلك صنف: البيوت، و الأرض، و الطرق، و غيرها من الأشياء التي لا يمكن نقلها من مكان لمكان ءاخر على أنها من البنين، و ليست من المال؟!

  وزعم أنَّ ذلك ما استنبطه من القرءان الكريم..

ولنرد على رؤية (محمد شحرور) سنتبين الآيات التي جاء فيها ألفاظ: (البنون، البنين، المال)؛ لنستنبط دلالة كل لفظ منهم كما جاءت في القرءان الكريم..

نعلم أنَّ لفظي: (البنون، البنين) يعنيان الأبناء الذكور، وليس لهما معنى ءاخر.

 ولكن هناك من قال: بل إنَّ: (البنون، والبنين) لهما معنى ءاخر، يكون هذا المعنى حسب سياق الآيات.

و حسب رؤيته: يمكن أن يكون المراد من لفظ: البنون؛ الأبناء الذكور، ويمكن أن يأتي بمعنى الأبنية كالبيوت والطرق؛ وذلك حسب سياق الآيات.

فقال: المال هو الذهب، الفضة، السيارة، الهاتف، وكل شئ يُمكن نقله مما يمتلكه الإنسان (يباع ويُشترى).

وفي تعريفه للفظ: البنون؛ قال: هو ما لا يمكن نقله من أملاك الإنسان؛ كالبيوت، والطرق..

هذه الرؤية بناها على جزئين أحدهما، قائم على تأويل معنى المال حين جعله قاصرًا فقط على ما يتم نقله كالنقود والذهب.

والجزء الآخر حين أوَّلَ معنى لفظي: (البنون، البنين) فقال: بنانه لفظ مفرد، و جمعها بنان.

أما جمع بنان (أي جمع الجمع) فهو بنون!

ولكن حين نتدبر القرءان سيتبين أنَّ قوله هذا هو كذلك قول خاطئ.

من الآيات التي استشهد بها ليثبت صحة رؤيته؛ قول الله – تعالى – : ﴿ ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا (٤٦) ﴾ سورة الكهف.

وقول الله – تعالى – : ﴿ يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ (٨٩) ﴾ سورة الشعراء؛ فقال: ما معنى البنون هنا؟ هل هي البنات؟!

فظن أنَّ لفظ: (البنون) في الآية لا يعني الأبناء الذكور، ولكن الأبينة؛ أي الأشياء التي لا تُنقل كالبيوت، والطرق!

ونحن هنا نطرح هذا التساؤل: لماذا لفظ: (بنون) في الآية يعني الأبناء الذكور وليس كما ظن: الأبينة؟

لأنَّ في الحياة الدنيا كان الناس ينتفعون بالبنين (أي الأبناء الذكور)؛ فهم الَّذين يعملون معهم لجمع المال، ويقومون بالأعمال التي بها مشقة، وهم الَّذين يدافعون عن الناس، والأرض وقت الحروب..

إذًا المراد الذي نستنبطه من الآية هو: ما كان لكم قوة في الحياة الدنيا (بإذن الله) لن ينفعكم يوم القيامة عند ربكم.

إنَّ رؤيته بأنَّ البنون تعني في بعض الآيات الأبنية، والطرق..لا تتوافق مع ما جاء في كتاب الله.

كذلك سنتبين من القرءان خطأ رؤيته بأنَّ المال لا يشمل: الأبنية، الأرض، الطرق..حيث جعله يقتصر على الأشياء المنقولة فقط كالذهب، والفضة.

وبذكر الأرض؛ أراها تمثل مُعضلة (لا يمكن حلها) من خلال رؤية من ظن أنَّ: (البنون) في بعض الآيات؛ تعني الأملاك التي لا تُنقل من مكان لآخر.

لماذا؟

لأنَّنا لو قسنا الأمر حسب الرؤية التي يقول صاحبها: المال يعني المنقولات فقط كالذهب، والفضة؛ بينما البنون هي ما لا يُنقل كالأبينة والطرق التي يبنيها الإنسان؛ فإنَّنا لا ندري حينها بماذا نُصنف الأرض كشئ يمتلكه الناس؟!

لقد قال: إنَّ المال هو ما يتم نقله من مكان لآخر؛ إذًا الأرض (حسب رؤيته) ليست من المال؛ لأنها لا تُنقل من مكان لآخر!

 فهل هي من البنون (التي تعني الأبينة)؟

حسب رؤيته هو؛ لا يُمكن وضع الأرض ضمن البنون التي تعني لديه الأبنية فقط كالبيوت والطرق؛ و الأرض ليست من الأبنية.

إذًا رؤيته في تصنيف المال بأنَّه الشئ المنقول فقط، بعد أن أخرج منه الأبنية كالبيوت، والتي أطلق عليها لفظ: (البنون) هي رؤية غير مُكتملة بنيت على التأويل؛ فالأرض إذا لم تكن من المال كملكية للإنسان؛ فكيف تكون من البنين (الأبنية) التي يمتلكها الناس؟!

وكون أنَّ الأرض (حسب رؤيته) ليست من المال (المنقول)، وكذلك نحن لا نرها من (الأبنية)؛ فإنَّ هذا يبين خطأ رؤيته غير المكتملة لأنه لم يقل شيئًا ثالثًا يُصنف من خلاله الأرض.

تلك معضلة تؤكد خطأ القول: إنَّ المال هو المنقولات فقط، والبنون هي الأبنية.

ما هو المراد بالمال في كتاب الله؟

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ ﴾ من الآية (١٥٢) سورة الأنعام.

فلو فرقنا حسب رؤيته؛ بين المال والبنين، وقلنا: المال هو ما يتم نقله كالذهب، والفضة، والهاتف؛ بينما البنين هي الأبنية كالبيوت، والطرق؛ سنجد أنَّ المعنى في الآية لا يستقيم وفقا لهذا التفريق؛ لماذا؟

لأن المعنى وكأنه ينهى عن الاقتراب من أملاك اليتيم التي يتم نقلها فقط؛ ولا ينهى عن الاقتراب من الأبينة كالبيوت، أو الأرض! وهذا المعنى لا يستقيم بكل تأكيد!

فمراد الله من الآية: ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ ﴾؛ النهى عن الاقتراب من أي شئ هو من مال اليتيم (أي ءال ومالَ إليه؛ فصار من حقه) سواء كان هذا المال من الأشياء المنقولة كالذهب والنقود، أو من الأشياء غير المنقولة كالبيوت، والأرض.

ولو كانت الأبينة هي البنون كما قال؛ لذكرته الآية ليكتمل المعنى؛ وليتم الحفاظ على كل الأملاك المنقولة وغير المنقولة.

لقد دَّل ذكر المال فقط في الآية على أنَّ المال لا يقتصر على الذهب، أو ما يتم نقله فقط؛ بل يشمل كذلك: الأشياء الثابتة؛ كالأبينة، والأرض.

ويتأكد لنا هذا المعنى في قول الله – تعالى – : ﴿ وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا (٢٠) ﴾ سورة الفجر؛ فحين نقيس الأمر حسب رؤيته التي جعلت المال هو الأشياء المنقولة كالذهب ولا يشمل الأبنية، والأرض؛ فهل يُعقل أنَّ الناس يحبون الذهب ولا يحبون البيوت والأرض؟!

بل المال في الآية هو: كل ما يتملكه الناس سواء الأشياء المنقولة كالذهب، وغير المنقولة كالبيوت، والأرض.

ويتأكد لنا هذا المعنى من قول الله – تعالى – : ﴿ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (١٨٨) ﴾ سورة البقرة.

لو كان المال هو الأشياء المنقولة فقط فالنهي لا بد أن يكتمل ليشمل الأشياء غير المنقولة كالبيوت والأرض.

فمن الناس من يأكلون أملاك غيرهم من الأرض والأبنية، وليس فقط المنقولات من ذهب، وفضة، وعملات نقدية..

لذلك حين نقيس النهي حسب رؤيته لكان القول المكتمل (في غير القرءان): (لا تأكلوا أموالكم وبنينكم بينكم بالباطل)!

وغير ذلك سيكون القول نقص من النهي عن أكل الأبنية، والأرض، و كل ما هو ليس من المنقولات!

و القرءان لا نقص فيه؛ و هذا يُؤكد خطأ رؤيته التي جعلت الأرض والأبنية..ليست من المال.

إنَّ المال (من القرءان) لا يقتصر على المنقولات فقط؛ بل يشمل كل الأشياء غير المنقولة؛ كالبيوت والأرض؛ وهذا يُؤكد أنَّ ليس للبنين علاقة بالأبنية.

لأنَّ الله – عز وجل – لا ينهى عن أكل الذهب، والفضة..فقط، ولكن الله حين نهى عن أكل المال بالباطل؛ فقد نهى عن أكل كل ما يملكه الإنسان من ذهب، وفضة، وأرض وبيوت..وهذا يعني أنَّ البيوت، والأرض..من المال، وليستا من البنين.

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ (٥٦) ﴾ سورة المؤمنون؛ لقد فسر لفظ: (بنين) هنا على أنَّه الأبنية كالبيوت لتكتمل لديه الأملاك المنقولة كالنقود، وغير المنقولة كالبيوت!

لكن ما هو مراد الآية؟

من الناس من يتفاخرون بالمال الَّذي يشمل كل ما يمتلكه هؤلاء من ذهب، وفضة، وبيوت، وأرض، وغير هذا. ويتفاخرون كذلك بالبنين (أي بالأبناء الذكور)؛ حيث يظنون أنَّ البنين هم رمزًا للقوة والعزة؛ فظنوا أنَّ إمدادهم بالمال (الأملاك) وإمدادهم بالبنين (الأبناء الذكور التي هي مصدر قوة لهم) هو أنَّ الله يُسارع لهم في الخيرات!

بل لا يشعرون (أي ليس لديهم شئ محسوس يُثبت لهم أنَّ هذه ليست خيرات يتم إمدادهم بها).

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ مَآ أَغۡنَىٰ عَنِّي مَالِيَهۡۜ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلۡطَٰنِيَهۡ (٢٩) ﴾ سورة الحاقة.

لم يقل – سبحانه وتعالى – : (ما أغنى عنى ماليهَ و بنينيهَ) فلو كان المال: هو الأشياء المنقولة فقط؛ فأين الأشياء الثابتة كالبيوت والأرض، ألم تكن من أملاكه في الحياة الدنيا؟!

وقول الله – تعالى – : ﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلۡطَٰنِيَهۡ (٢٩) ﴾؛ يشمل البنين، والناس الَّذين كانوا مصدر قوة له في الحياة الدنيا.

من كتاب الله يتبيَّن لنا أنَّ المال: هو كل ما يمتلكه الإنسان؛ أي كل ما ءال ومالَ إليه سواء كان شيئًا منقولًا كالذهب، والنقود، والسيارة؛ أو كان من الأبنية كالبيوت، أو الأرض.

والتساؤل الآن: إلى أي شئ استند في قوله: إنَّ جمع بنانه؛ هو: (بنان)، وجمع بنان أي جمع الجمع (حسب قوله) هو: (بنون، و بنين)؟!

كان يستشهد بقول الله – عز وجل – : ﴿ أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ (٣) بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ (٤) ﴾ سورة القيامة.

ولكن حين نتدبر الآية يتبين لنا أنَّ رؤيته خاطئة.

فلفظ: (بنانه) الَّذي تم ذكره في كتاب الله مرة واحدة؛ وكما هو أمامنا لا يدل على الَّفظ المفرد المجرد من الحروف الزائدة؛ لأنَّ لفظ: (بنانه) يتكون من الاسم المفرد: (بنان)، وضمير الهاء الَّذي عاد على الإنسان الَّذي يَحسب أن لن تُجمع عظامه يوم القيامة؛ فصار الاسم ومعه ضمير الهاء العائد على الإنسان هو: (بنانه)؛ أي أنَّ بأنه هي من اسم وضمير الهاء، وليست اسمًا (فقط) أُريد به الجمع.

ماذا لو كان القول في غير القرءان: (بلى قادرين على أن نسوي بنان) أي بدون وجود ضمير الهاء؟!

سنجد أنَّ المعنى غير مكتمل؛ لأنَّه لم يتصل به ضمير يعود على الإنسان الَّذي سيتم تسوية البنان (الجسم) الخاص به!

وهذا يُؤكد لنا أنَّ لفظ: (بنانه) ليس لفظًا مفردًا، وأنَّ الهاء في ءاخره ليست من حروفه الأصلية.

ولكن هو لفظ يتكون من الاسم المفرد: (بنان)، وضمير الهاء الَّذي عاد على الإنسان فصار الَّفظ: (بنانه)؛ أي يتكون لفظ: (بنانه) في الآية من الاسم ومعه ضمير الهاء.

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ إِذۡ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمۡ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ (١٢) ﴾ سورة الأنفال.

هذه هي الآية التي ذكرت لفظ: (بنان) بدون ضمير يتصل به، وهو لفظ مفرد وليس جمع.

فلو كان لفظ: (بنان) جمعًا (كما ظن) فكيف يستقيم حسب ظنه معنى الآية: ﴿ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ ﴾؟! هل سيتم ضربهم كلم مرة واحدة كجسم واحد؟!

بل القول الصائب الَّذي يتوافق مع مراد الآية: ﴿ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ ﴾ هو أنَّ لفظ: (بنان) يعني الَّفظ المفرد (أي الإنسان الواحد)؛ وبالتالي: يتبين لنا خطأ القول بأنَّ: بنان جمع بنانه، وأنَّ بنون جمع بنان.

ما هو معنى: (بنان)؟

لفظ: (بنان) معناه أنَّ جسم الإنسان يتم بنائه من عناصر صغيرة تُجمع مع بعضها لتكون الجسم (البنان).

ألفاظ: (أبناء، ابن، ابنة، بنون، بنين، بنات) كلها من لفظ بنان؛ لأنَّ جسم الإنسان يتم بنائه من مكونات مادية.

وفي النهاية

المال هو كل ما ءال ومالَ إلى الإنسان من منقولات كالذهب والفضة، والنقود، والسيارة؛ و كذلك الأشياء غير المنقولة كالبيوت، والأرض.

أمَّا لفظ: (البنون، أو البنين)؛ فهو وصف للأبناء الذكور فقط.

قال اللهُ – تعالى – : ﴿ أَمۡ لَهُ ٱلۡبَنَٰتُ وَلَكُمُ ٱلۡبَنُونَ (٣٩) ﴾ سورة الطور.

ويُقابل لفظ: البنون، أو البنين لفظ: (البنات).

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart