A peaceful mosque interior featuring a backlit window, rehal stand, and intricate architecture.

من بلاغة مواضع الكلم في القرءان الكريم.

هل من فرق بين:

 قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ (39) ﴾ يس؛ وفي غير القرءان: وقدرنا القمر منازل؛ هل سيكون المعنى واحدًا، أم سيتغير لو تم إبدال مواضع الكلم؟

ولماذا جاء القمر منصوبًا وليس مرفوعًا؟

حين نتدبر ءايات القرءان ونحن مُؤمنون أنَّ كل لفظ فيه قد جاء في موضعه ببلاغة كاملة؛ يتبين لنا مُعجزاته البيانية التي ليست للبشر بمثلها، ونزداد يقينًا ـ حينها ـ أنه لا يجوز إبدال موضع لفظ في كتاب الله بموضع لفظ ءاخر في ذات الآية.

لماذا جاء القمر منصوبًا؟

 جاء القمر منصوبًا؛ لأنَّه ـ كما يتبين لنا من الآية الكريمة ـ هو من وقع عليه فعل التقدير (قدرنا) أي جاء القمر مفعولًا به؛ لذلك جاء منصوبًا.

وللإجابة على السؤال:

هل من فرق بين قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ (39) ﴾ وفي غير القرءان: (وقدرنا القمر منازل) هل سيكون المعنى واحدًا، أم سيتغير؟

علينا أن نتيقن أنَّ كل لفظ في القرءان جاء في موضعه بإحكام بالغ الكمال (لا نقص فيه ولا اختلاف).

لهذا لا يُمكن أن يُعطي القول في غير القرءان: (وقدرنا القمر منازل)  ذات المعنى الذي جاء في الآية: ﴿ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ (39) ﴾.

لماذا؟

لأنَّ المعنى الذي نتبينه من قول الله ـ سبحانه تعالى ـ : ﴿ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ ﴾ هو أنَّ الآية تُحدثنا عن القمر؛ حيث تذكر صفة من صفاته وهي: أنَّه (أي القمر) تم تقديره منازل؛ وهي: (حالات تغير القمر من محاق وهلال حتى يصير مكتملًا؛ ثم يحدث العكس).

ولو أبدلنا موضعي لفظي: (القمر، قدرنا) وصار القول (في غير القرءان): (وقدرنا القمر منازل) بدلًا من الآية: ﴿ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ ﴾ سيكون المعنى كالتالي:

القول: (وقدرنا القمر منازل) يُحدثنا عمن قدروا القمر منازل، أي يُحدثنا عن الفاعل، وليس عن المفعول به (القمر).

 وبالتالي: لن يكون المعنى متوافقًا مع مراد الله: ﴿ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ لأن الآية الكريمة تُحدثنا عن القمر ومراحل تقديره كآية من ءايات الله، ولكن لأن القمر مفعول به؛ جاء في سياق القول الفاعل (الله وملائكته).

وهذا أجده من بلاغة كلام الله ـ تعالى ـ التي تختلف عن كلام البشر، وفي ذلك أجد ردًا على من يزعمون: أنَّه بإمكانهم أن يأتوا بمثل القرءان.

من أمثلة ذلك في القول البشري:

الكتابَ أخذه الطالبُ؛ هنا أتحدث عن الكتاب، وليس عن الفاعل؛ وكأن ذلك إجابة عن السؤال التالي:

أين الكتاب؟

فكانت الإجابة عن المفعول به (الكتاب) وليس الفاعل (الطالب) وقد تم ذكر الفاعل لإكمال سياق القول.

وأرى أنه من الأفضل ألَّا أبدأ القول بذكر الفاعل (الطالب) وأنا أريد أن أحدث الناس عن المفعول به (الكتاب).

 لماذا؟

لأنني أريد إجابة عن المفعول به (الكتاب) وليس عن الفاعل.

ولكن تم ذكر الفاعل (الطالب) في سياق القول حين أردت الحديث عن المفعول به (الكتاب) كل في موضعه حسب محور الحديث.

أي حين أتحدث عن الكتاب، ويكون هو محور السؤال أبدأ الإجابة بلفظ: الكتابَ؛ لأنَّ القول (في هذه الحالة) سيكون عن المفعول به، وليس عن الفاعل (الطالب).

والمثال الآخر في حال حديثي عن الفاعل:

 حين أتحدث عن الفاعل يأتي موضعه في بداية القول، مثل: الطالبُ يقرأُ الكتابَ؛ وكأنه إجابة عن السؤال التالي:

ماذا يفعل الطالب؟

هنا أسأل عن الفاعل (الطالب) وليس عن المفعول به (الكتاب) لهذا بدأ القولُ بالفاعل، وليس المفعول به..

وعودة إلى قولنا عن الآيات:

يتبيَّن لنا من خلال ما سبق؛ أنَّه إذا جاء الاسم في بداية القول؛ فإنَّ ذلك يعني أنَّ الآية تتحدث عن هذا الاسم (أي هو المراد من الحديث) مثل: قول الله ـ تعالى ـ : ﴿ مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي

وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡ‍َٔهُۥ فَ‍َٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ

بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا (29) ﴾ الفتح؛ حيث تتحدث الآية عن سيدنا محمد، والذين معه؛ فجاء اسم سيدنا محمد مرفوعًا لأنه هو محور الحديث؛ لنتعلم منه، وممن تبعوه بإحسان.

وفي اللسان العربي الاسم الذي يأتي في بداية الجملة يُسمى: مبتدأ، والذي يتم الحديث ـ الإخبار ـ عنه.

ومثل قول الحق ـ : ﴿ وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ (16) ﴾ محمد.

 الآية تتحدث عن الظالمين فهم محور القول حيث يُبين الله لرسوله أمرًا من صفاتهم وأفعالهم.

وقد جاء ذكر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في سياق القول.

 والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart