قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) ﴾ سورة فاطر .
وقال ـ سبحانه وتعالى ـ : ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩) ﴾ سورة الفرقان.
لِمَ جاء مرة لفظ: (فاطر)، ومرة أُخرى جاء لفظ: (خلق)؟
: (خلق) المراد به: عملية الخلق سواء من لا شئ، أو من مادة أولية خلقا الله ، فتشكل منها شئ ءاخر بقدرة الله تعالى، مثل: النطفة التي يُخلق منها الإنسان..و سواء كانت للمرة الأولى، أو خلقًا من جديد.
لكن لفظ: (فطر)؛ المراد به خلق الشئ لأول مرة بإرادة الله وقدرته، وقد يظل الشئ باقيًا علي خلقته الأولى، مثل: السموات والأرض إلى أن يشاء الله.
ولكن ماذا لو أزال اللهُ ـ سبحانه وتعالى ـ الشئ ثم أعاد خلقه من جديد؟
قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمًا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٤٩) ﴾ سورة الإسراء؛ في هذه الحالة لا نقل فطره الله، ولكن نقول: أعاد خلقه من جديد؛ إنَّها عملية خلق جديدة، وليست خلقًا لأول مرة؛ كما هو الأمر عند بعث الناس من جديد يوم القيامة؛ فنقول: خلقهم من جديد، وليس فطرهم؛ لأنَّ هذا ليس الخلق الأول.
قال اللهُ ـ تعالى ـ : ﴿ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ۚ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا ۖ قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١) ﴾ سورة الإسراء؛ الآية بيّنة، فحين تحدثت عن عملية الخلق لأول مرة؛ جاء وصف الخلق بلفظ: (فطركم)، وجاء لفظ: (أول مرة) ليدل على أنَّ فطر، هي: الخلق الأول الذي لم يُسبق من قبل.
أمَّا الخلق من جديد؛ فيكون يوم البعث ـ يوم القيامة ـ لأنه ليس خلقًا لأول مرة.
هم في جدال يكذبون بالبعث وخلقهم من جديد؛ فيكون الرد عليهم: بقول الله ـ تعالى ـ : ﴿ قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾.
ثم يسألوه عن موعد البعث الَّذي يعني: الخلق من جديد، وليس الخلق لأول مرة؛ فيقول لهم: ﴿ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ﴾.
إنَّها أية فاصلة في تبيُّن الفرق بين معنى لفظي: (فطر، خلق) في القرءان الكريم.